قد نظن لكثرة ما روي عن سيد الخلق ونبي الرحمة وكثرة ما كُتب عن حضرة النبي الأعظم، أننا ربما نعرفه ولكن الحقيقة أن كل ما قيل وكتب عن خاتم النبيين محمد صلوات الله عليه وعلى آله الأطهار ،ربما حتى لا يلامس حقيقة الرحمة المهداة للعالمين .
فمن هو محمد ؟
وما هي حقيقته ؟
نعلم أنه نبي ورسول مرسل من الله عزوجل أيده بالقرآن الكريم ، معجزته الكبرى وأنه ختم بنبوته كل الرسائل السماوية، لتكون الرسالة المحمدية هي الأبدية الباقية إلى يوم الدين.
كما تقول الروايات أنه كان وما زال قرآناً يمشي على الأرض
والقرآن هو كلام الله ونوره إلى الخلق أجمعين هو مدد الله إلى عباده ، وهداية لتمييز الحق عن باطل ، و إيمان معرفي بالله ، وحبل من الله إلى خلقه .
إذاً هو نور بالمعنى المعنوي والمادي ، سراج منير أي شمس ساطعة أشرقت على هذا الوجود لتنير كل شيء وتعطي الحياة حقيقتها، و تقضي على الظلمات.
شمس الحياة لا تغيب أبداً هي أزلية الوجود وإن توالى الليل والنهار بمعناهما الفيزيائي تبقى مركز نظام الكون في السماء، وحولها يدور كل الأجرام ، ومن نورها ننهل الحياة ويستمر نبض هذا العالم بالتدفق .
وما ميلاد نبي الهدى والرحمة إلا ظهور لشهادة التوحيد من عالم الغيب إلى عالم الشهادة ،لتشهد ذواتنا أنه لا إله إلا الله بواسطة نبيه محمد رسول الله ،صاحب الشهادة والمقام المحمود سيد الوجود، بعد أن شهدت أرواحنا بذلك في عالم الذر ،العالم المغيب عنا لكنه في ذاكرتنا { وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) سورة البقرة } الذين دخلوا الباب وكانوا من أهل المعرفة وتشربوا الحقيقة وجوهرها من منبعها الأصلي .
وميلاد الحضرة المحمدية قائم مستمر في قلب كل محب صادق عارف بالله وعالم بحقيقة النبي محمد وبمعنى الصلاة على النبي محمد ، الصلاة التي يصليها الله عزوجل وملائكته عليه { إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) سورة الأحزاب } .
وماهذه الصلاة إلا صلة أقامها الله عزوجل وشرعها لنا وجعلها وسيلة للإيمان والتسليم لحضرة النبي ،والإقرار بأنه صاحب الصلة وباب الوصول إلى الله عزوجل ،وبأنه درب الإيمان ومرآة التجلي للنور في ظهوره الأسمى والأنقى والأبقى .