قراءة في رواية “شكرا أيتها المصادفة” بقلم”أحمد العربي”

لصحيفة آفاق حرة

 

قراءة في رواية : “شكرا أيتها المصادفة” للكاتبة: فاطمة الحساني

 

بقلم: أحمد العربي.

 

.تبدأ الرواية من بطلتها روان العراقية الهاربة من العراق في السبعينات من القرن الماضي، حاملة في أعماقها مشاعر متناقضة حول الوطن العراق التي خسرته . وامانها الذي حصّلته بعد أن نكّل بعائلتها. الأسباب كثيرة؛ سوق لحرب مع إيران، عنف سياسي مع الخصوم، سلطة استبدادية تستهلك المجتمع و الناس وخيرات البلد. روان تتذكر وصولها لبلد اوروبي جنوبي، محاولتها ان تعمل لتعيل نفسها. وكيف تتعرف على جارها السويدي اريك. الذي يكبرها أكثر من عشرين عاما. زوجته متوفية وله منها ابنة، يعيش خريف العمر. تتعرف عليه روان ومع الوقت يحصل بينهما انجذاب نفسي يؤدي أخيرا للزواج. تذهب روان الى السويد مع زوجها، تحتضن طفلته، تنجب منه أولادا من الجنسين. روان لا تنفصل نفسيا ابدا عن العراق وما يحصل به اول باول. الحرب العراقية الايرانية، وبعدها  احتلال الكويت، وبعدها الحصار الغربي، وأخيرا الاحتلال الأمريكي وبداية ظهور الصراع الأهلي المجتمعي بأشكاله المختلفة. روان تبقى دائما تقارن بين السويد البلد الذي حضنها واعطاها الجنسيه والامان ولقمة العيش والزوج والاولاد. مع العراق الذي يقتل ابناءه بحروب عبثية او عبر اعتقالات سياسية او بفساد يمتص خيرات البلاد، والشعب مشرد داخل البلاد وخارجها. يموت زوجها اريك وأطفالها مازالوا صغارا. تتعرف على خصيب الروائي العراقي الهارب من العراق ايضا. يحصل بينهم قصة حب تنتهي بزواج، يكون خصيب ابا آخر للاولاد، الذين يكبرون وفي ذاكرتهم ابوهم الطبيعي اريك، وابيهم التربوي ومن خلال الاحتضان خصيب. يكبرون وفي ذاكرتهم أوجاع بلاد والديهم العراق. ويكبر الأولاد وينتشرون بحثا عن العمل. ويكون انتداب للابن بسمان إلى دولة خليجية للعمل هناك. يعود لأجواء بلاد العرب والاحتكاك عن قرب بالعراق وما آل إليه بعد الاحتلال. يتعرف على الدكتورة سرى التي عالجته، ويكتشف انها ايضا عراقية وانّها مع أسرتها قد هربوا من حرب أهليه وخطف وتنكيل وغياب امان. يحبها وتحبه. يرتبطوا وترتبط عائلتيهما ويعمل بسمان ليأخذ زوجته الى السويد ويساعد خالته وعائلتها للهجرة أيضا. تعيش الأسرة في ظروف حياة جيدة، الاولاد كبروا ولهم أعمالهم وكذاك عائلة سرى تنتهي الرواية ببداية حياة جديدة، بسمان الجيل الثاني من المهاجرين في الغربة، ولبناء حياة فيها سمات الانسانية بما تحمل من معنى

الرواية صرخة في مواجهة الغربة وتكيف معها أيضا. تنتقد بشفافية ودون غوص بالسياسة و واقع حياة بلاد العرب والنموذج العراق. تمدح المستوى الإنساني لبلاد الغرب والنموذج السويد. فيها شفافية الرصد الدقيق اليومي والمعاش .النفسي والوجداني .للحب والتفاعل الإنساني نصيب.. الذاكرة والأمل والتفكير بما كان وصار وما يجب حضور كبير.  إنها رواية انتصار الانسان على ظروفه ولو بالهجرة. فالانسان دائما يبحث عن الافضل

.الرواية تمس ما نعيشه الآن عبر تغريبتنا العربية بكل أبعادها وآلامها. منذ تغريبة الفلسطينيين في أربعينيات القرن الماضي الى الان، وتغريبة العراقيين في العقود الماضية، وتغريبة السوريين واخوتهم في بلاد الربيع العربي هذه الأيام. فالمشكلة ما زالت قائمة؛ عندما لا يكون هناك انظمة تحترم شعبها ولا تعبر عن مصلحته ، وتحول الشعوب لعبيد والبلاد لمزرعة. تخوض حروبا عبثية. وعندما قام الربيع العربي لتحصيل الحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية. لم تتقبل الانظمة ذلك وارتدت على شعوبها؛ قتلا وتدميرا, تحول ربيعنا إلى ثورات ستنتصر لحقوق إنساننا العربي ونلغي غربتنا و نعود لبلادنا وتعود بلادنا لنا. وننتصر لانسانية الانسان ولحقه بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية

 

..

 

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!