إقطاع خاص / بقلم:الصحفي: محمد قسومة

هو واقع مرير خلفته أزمة دامت عشر سنوات أعادت فيه زمن العبودية وجشع الإقطاع
مع اختلاف المسميات وقد كان من أهم أسباب ظهور االقطاع هو تأكل و انحسار
الطبقة الوسطى في المجتمع
وذلك الإقطاع يترعرع و ينمو في يومنا هذا في كنف ما يسمى القطاع الخاص.

يدار هذا القطاع من أرباب العمل الذين يرفعون الأسعار و يحتكرون المواد؛ فالربح
المعقول لم يعد موجود أما ما تتقاضاه العمالة التي تعمل لديهم فهي أقل من المتدني
متناسين أن هذه العمالة لديها عائلات ومتطلبات.
إن وسطي ما يتقاضاه الفرد في قطاعنا الخاص ٩٠ ألف ليرة سورية شهريًّا، بينما وسطي معدل إنفاق أسرة مكونة من خمسة أشخاص ٤٠٠ ألف ليرة سورية شهريًّا، هذه المعادلة الغير متساوية بين الراتب و المصروف أحدثت خللًا في
معادلة الطبقات المجتمعية، حيث تعتبر الطبقة الوسطى مؤشرًا للتوازن الإجتماعي _اقتصاديًّا مجتمعيًّا_ وبانحسار تلك الطبقة نجد أنّه كلما كبر حجم الأسر شكلت خطرًا
وتسقط في هوّة خط الفقر، بينما سوف يتضاعف رأس المال بشكلٍ فاحش لدى
أرباب العمل و أصحاب المعامل؛ فهم يأخذون إلى جيوبهم كل الأرباح مهتمين بتنمية
أرصدتهم البنكية وبذلك ينشأ لدينا طبقتين:

١_طبقة فقيرة ذات غالبية عظمى تعمل في وظائف الحد الأدنى من الأجور مع ضمان
اقتصادي قليل يفتقر إلى الأمان المادي.

٢_طبقة غنية تتمثل في ثلة من أصحاب الثروات .

وبذلك ينشأ لدينا نظام إقطاعي حديث يتميز برواتب و أجور هزيلة تجبر العمال والكادحين و أصحاب الدخل المحدود على تحمل ساعات عملهم الطويلة و تعويضاتهم المعدومة، وفي كثير من الأحيان تكون إجازاتهم المرضية محسومة، مضاف إلى ذلك صعوبة المواصلات، و ارتفاع أجور التنقل التي يتحمل كلفتها العامل على نفقته الخاصة، بالتالي يضاف عبء جديد على راتب العامل ذلك الراتب الذي يواجه ارتفاع الأسعار بنسبة تضخم تصل لسبعين بالمئة.

هذا الواقع أحدث فجوة بين الدخل والإنفاق، فعند ارتفاع تكاليف إنتاج السلع من مواد
أولية وأجور نقل يقوم أرباب العمل برفع السعر ليس هذا فحسب إنّما هامش الربح الخاص
أيضًا وبذلك يرتفع السعر، لكن بالمقابل راتب العامل غير مشمول بتلك المعادلة .

في حين يرى الصناعي وأمين سر غرفة تجارة دمشق، السيد محمد الحالق أن:
“المستهلك يعتقد أنه سوف يجد المنتجات تباع بأبخس الأثمان _ببلاش_ في الأسواق ”

وأضاف أنه” لا يوجد شيء اسمه البيع بخسارة أو (ببلاش) والمشكلة الأكبر أن الجميع
يعتقد أن أرباح التاجر 30 أو 40 في المئة”،

وهنا لا يسعنا إلا أن نشكر لفتته الكريمة في إظهار معاناة التجار وأصحاب العمل ولكن
في الوقت نفسه يخطر ببالنا سؤال نتوجه به لشخصه الكريم هل يوجد شيء يجعل
التجار تعتقد أن العامل يعمل (ببلاش) أيضًا؟

بكل اختصار إذا لم يتم إعادة النظر في أجور العمال ومرتباتهم فإن القطاع الخاص
في طريقه إلى الإقطاع الخاص.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!