قراءة تذوقية للنص كأني لم أكن للشاعرة اللبنانية المائزة مايا الخوري الشعر هو ذلك الكائن العميق الذي يتماهى ويصيبهُ النفور عبر تفاصيل حسية دقيقة أي أن الشعر هو بوصلة التنقيب في أعماق الذات الإنسانية حيث ننغمس بذهول عارض للسكون في الزمن القرائي شريطة تفاني النص بالظهور في ذهنية المُتلقي من خلال ثلاث شجيرات الأولى وحدة تماسك النص هنا تستهل مايا الخوري نصها ( أيا نفسي من قسوة نفسي .. ) هنا ثمة حوار مُباشر مع الذات من خلال مُعاتبة الذات واتهامها بالقسوة الطاعنة بالحضور دونما استهلال أي أن عملية الجلد تتم بمساحات الروح العميقة وكأنَ شاعرتنا تُحاول اللجوء إلى واحة وكأنها غارقة في صحراء حسي.
والشجيرة الثانية التي قد تُعلن ثراء النص تكمن في مسار الانزياحات الشعرية
( أنا التي رسمتُك وشماً في صمتي )
هنا تأخذ الانزياح معظم المساحات المتاحة في ذهنية المُتلقي ففي منظومة الصمت ترتفع ماهية تثبيت المُتغيرات عندما تُخاطب الحبيب بمزيد من التأكيد هنا ترتسم على محيا المشهد ملامح التغيير والمُتمثل هنا بالوشم أي أن المرسلة الشعرية حققت المراد منها عبر توثيق المُتغير.
هنا نصل إلى آخر الشجيرات التي تؤكد إيفاء النص بوعوده الموسيقا الداخلية للكائن الشعري ( وأنك وهم من صنع شعري )
هنا تُشكل الموسيقا الفاصلة عبر تأكيد على اتساع جغرافية الخيال في عالم الشاعرة مايا حيث يتراءى ثمرة كثيفة الدلالة على شجرة العمر عندما تؤكد مساحة الوهم للحبيب في الواقع الحسي هنا ترميز إلى موسيقا تنقطع لتصف حجم المُخاطب من خلال إكتشاف منبع التضخيم المستتر بجمالية الوصف حيث تنشطر الذات إلى كاشفة ومعاتبة وأخرى غارقة تبحث عن طوق نجاة
( كأني لم أكن )
ربما لم يرتقي النص في الرواق اللغوي إلى المستوى المأمول لكن تم تعويضهُ في المساحات الحسية من خلال كثافة المدلول الروحي التي عكست إمضاءات مايا الخوري على أضواء شموع السلم الداخلي.