“إن كنت ناسي أفكّرك ” / بقلم:دالية زرعيني

آفاق حرة 

واحدة من روائع الأغنية العربية من الزمن الجميل ، صاغ كلماتها الشاعر محمد علي أحمد ، أما التلحين فكان بإمضاء أمير النغم في الأغنية العربية رياض السنباطي. وقد ظهرت لأول مرة في فيلم (جعلوني مجرما) بطولة هدى سلطان وفريد شوقي… وقد جسدت هدى سلطان في هذا الفيلم دور مطربة نذرت حياتها للدفاع عن حبيبها المتهم ظلما في جريمة قتل… وبعد قضاء فترة العقوبة غادر السجن ليبادر بالانتقام فيصبح مجرما حقيقيا وتنتهي قصة الحب…

بعد طلاقها من زوجها الممثل “فريد شوقي”  أعلنت هدى سلطان اعتزال الغناء.. اعتزال امتد سنوات طويلة حتى كانت سنة ١٩٩٤  ففي احدى الليالي صعدت هدى سلطان دار الأوبرا لتؤدي  أغنية «إن كنت ناسي أفكّرك» في سهرة خاصة تكريما واحتفاء بمسيرتها الفنية…

كانت القاعة تغصّ بالجمهور الذي وقف طويلا لتحية هدى سلطان ولفت الانتباه في تلك الليلة حضور   زوجها السابق الممثل فريد شوقي. كانت لحظات مؤثرة عندما كانت هدى سلطان تشدو بـ «إن كنت ناسي» وعيناها مشدودتان الى فريد شوقي حبيب وزوج الأمس.لكنّ زوجها الذي اشتهر بلقب وحش الشاشة العربية لم يرقّ قلبه لما بثّته طليقته من ألم وشجن وعتاب ، ولم ينفع تذكيرها الموجع له بأيام الصفاء والهناء التي جمعتهما كزوجين، ولم تشفع كل عبارات الودّ والحبّ لكي تعيد المياه الى مجاريها بين الزوجين . فما أن انتهت هدى سلطان من أداء الأغنية حتى غادر فريد شوقي القاعة بهدوء.

“إن كنت ناسي أفكّرك”

إن كنت ناسي… أفكّرك

يا ما كان غرامي… بيسهرك

وكان بعادي بيحيّرك

وإن كنت ناسي .. أفكرك

أفكرك بالليل وشجونك

وأحلفلك عالشوق بعيونك

وفرحتك وأنت بتحكي… قصة هوايا

ولوعتك وأنت بتشكي… من طول أسايا

بدّلت ودّك ليه.. ليه بالأسيّة

وكنت قبل بتخاف عليه

أعيش معاك في غرامي

وارضى المقدّر

بين فرحتي وأوهامي

وأحلم… وأفكّر

يا ما كان غرامي بيسهرك

وكان بعادي بيحيّرك

وإن كنت ناسي… أفكّرك

بين الحين والآخر  يذكرنا الفيسبوك بمنشورات وصور وفيديوهات من ايام خلت قد تكون سعيدة او حزينة ،

وربما يذكرنا بأصدقاء قدامى تقطعت وسائل وسبل التواصل معهم..

ونحن على طريقة  عتاب هدى سلطان، “إن كنت ناسي أفكّرك”  وليس على طريقة عبد الوهاب” خايف أقول اللي فقلبي” :

كم نحتاج الى تذكير  أحبائنا وأصدقائنا بالأيام الخوالي واللحظات الجميلة والأوقات السعيدة التي جمعتنا معا؟!

كيف ينسى الانسان  الذكريات الحلوة والتضحيات الكريمة والتفاصيل الجميلة وتراه يشيح بوجهه عن حسنات صاحبه؟

كيف ينسى الزوجان همٌّا تقاسماه وفرحا تشاطراه ولقمةً تناصفاها ولحافا تشاركاه وضحكات تبادلاها…. كيف  يُنسي كل هذا؟

أين الماضي الأثير؟ وأين الحب الكبير؟ وأين لحظات الفرح؟ هل تُنسى كلها فجأة في لحظة فراق ويُبدّل الودّ بالأسيّة؟

في حياة كلّ منا  هنالك شخص،نحتاج ان  نذكّره  بأيام الودّ ولحظات الفرح والذكريات الجميلة التي جمعتنا معا، مع المحافظة على أدب الفراق وأخلاق الوداع واحترام العشرة وحفظ الودّ والكرامة، وأن نقول له :

“ان كنت ناسي أفكّرك”؟

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!