في كل عام منذ حلول شهر أيلول سبتمبر يبداء
طقس الجهيش،الذي يحن له البعيد،ويحريص
على المداومة عليه كل قريب،وللجهيش في الذاكرة الشعبية،حضوراً
قوياً،فتفسح له المواقد
في الشواجب،وظلال
الشجر،والحيود،وسطوح
المنازل،ويلتم حول مائدة
الجهيش كل أفراد الأسرة
ولايحلو الجهيش إلا بممارسة هذا الطقس بكل
تفاصيله، حيث يبداء هذا الطقس السنوي بانتقاء السبول اليانعة الطرية ذات الحبوب اللبنية دون النضوج وهذة خبرة يتعلمها الناس منذ نعومة أظفارهم، ثم جَمع القشاوش،والحَطب وإشعال النار( المُحَاياة)
والنفخ،وعاكي الدخان
الذي يفتح الرغبة وقد يُسيل الدموع ومن ثم،تبداء ربات البيوت بشواية الدُخن،وجَلمه
بساق قصيرة من العجور
تطوى بزاوية حادةثم تمرر فوق سبولة الدُخن،لذلك
يشوى الدُخن بنار متوهجة عكس بقية أصناف،السبول التي تشوى بالجمر الهادئ،
ثم ( النسيف لحبوب الدخن) وهو التجميع بالعزفة، او المسرفة.ونفخ الهواء لإخراج( الشَعَامم)
أكمام الحبوب والشوائب
( الحَمط) .ويبداء تناوله ساخناً ومقرمشاً وشهياً
مع رشفات من شاي الصُعد،تكون في هذة الأثناء سبول الغَرب،والذرة تقلب على
الجمر،وتقدم بعد ذلك إما
على هيئتها في سنابلها
تقضم با الأسنان( قُطيم)
أو( تُنَسل) حيث توضع
في كيس ( خَريطة) وتضرب بعصا خفيفة.
حيث تتساقط في الكِيس وتقدم حبوب
يتم سفها مباشرة للفم وهي لاتزال ساخنة،
وكذا ( الزُرمة) حيث تعتلي الصُعد القدور
المُكتنزة بالسبول،والدُجر
او اللوبيا،حيث تقدم ساخنة،لمائدة العائلة.
ولهذة الطقوس العائلية
ممارسة متجذرة منذ فجر التاريخ،ولايحلو الجهيش إلابها،بعكس
من يتناوله جاهزاً وبارداً
بلا مذاق.ويتواصل شحن
أكياس الجَهيش للمتلهفين لتذوقه في كل أصقاع الأرض،والمدن الأسمنتية الصماء التي لاتعرف ظلال الشواجب،
وسحر الشروق والغروب في أيلول وتشرين.
ويعتبر الجَهيش من الحبوب الكاملة التي يوصي بها خبراء التغذية
لفوائدها الجمة،التي لاتحصى والتي تمد الجسم بكل المواد الغذائية التي تفتقر لها موائدنا العصرية.