آفاق حرة
كتبت: نَوّار الشاطر
قال أفلاطون : من حزن فليستمع للأصوات الطيبة فإن النفس إذا حزنت خمد منها نورها فإذا سمعت ما يطربها اشتعل منها ما خمد.
وقال عدنان الصائغ : توقف عن الغناء أيها القلب ، إنك بهذا تثير حفيظة كل الذين لا يعرفون الغناء .
وعلى هذا يمكننا أن نقول أن الغناء حاجة مهمة في حياة الإنسان ، وأنه وسيلة للتعبير عن مشاعره ، وطريقة للترويح عن النفس ، وربما للتحليق في عوالم أخرى .
عرف الإنسان العربي الغناء قديماً ،
وترجح بعض المصادر البحثية أن أول من غنى من العرب قبل الإسلام ، كانتا جرادتي بني عاد ، وتسميان تعاد وتماد ،قدمتا من عاد اليمنية ،
وكذلك قينتا الحضرمي سيرين وصاحبتها ،وفي ما يتعلق بأول من غنى في الجاهلية من الرجال، فقد ذكر أبو الفرج الأصبهاني ، صاحب كتاب الأغاني، أن أول من غنى باليمن “علس بن زيد” وكان يلقب “بذي جدن” لحسن صوته.
وذكر “المسعودي”، أن غناء أهل اليمن بالمعازف وإيقاعها جنس واحد ، وغناؤهم جنسان: حنفي، وحميري ، والحنفي أحسنها، فهذا هو غناء أهل اليمن.
وأضاف القلقشندي أن الغناء في اليمن يرجع إلى عهد عاد .
و أكدت الكشوفات الأثرية وجود معزوفات فنية وآلات موسيقية في اليمن تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد ، حيث وجدت نقوش
كثيرة لآلات موسيقية منها آلة الطربي ” القنبوس” الذي يشبه العود الحالي ، تؤكد أن الغناء اليمني يعتبر من أقدم الفنون الغنائية منذ الأمم البائدة قبل الميلاد ( سبأ ، معين ، حمير ).
وفي ذلك قال الباحث الفرنسي جان لامبرت ” أن العود كنز وطني عريق يقع على اليمن مسؤولية الحفاظ عليه والاستفادة من مخزونها و موروثها الثقافي والغنائي الضخم ” .
أما المستشرق البريطاني ” هنري فارمر” فأشار بأن اليمنيين بلغوا المراتب السامية التي بلغها الساميون من قبلهم في مجال الموسيقى .
كما أن أول من غنّى في الإسلام في المدينة كان “طويس “، وقد اشتهر بالغناء وصناعة الطرب ، وهو يمني أيضاً ، وأكد ذلك الباحث أحمد تيمور ،وذكره الأصفهاني وعدّه أبا الغناء في الإسلام حيث أنه كان أول من أدخل الإيقاع إلى الغناء العربي في عهد الخليفة عثمان بن عفان .
وعلى هذا التاريخ الغنائي العريق الذي عرفه اليمنييون ، ومع تطور الأغنية اليمنية عبر الزمن ، وتعدد ألوانها كالغناء الصنعاني ،العدني ، التهامي ، التعزي ، اللحجي ،الحضرمي وغيرها من ألوان تراثية وغير تراثية ، وظهور أصوات يمنية طربية أكسبت الأغنية اليمنية حضوراً مميزاً على الساحة الغنائية العربية ، و منهلاً جذب العديد من الباحثين في مجال الأغنية مثال الدكتور “جان لامبير” عالم الأنثروبولوجيا وموسيقى الأعراق ، الذي كتب كتاباً أطلق عليه اسم ” الغناء الصنعاني “وكتاب دواء الروح الغناء الصنعاني في المجتمع اليمني ، كما أخرج فيلماً وثائقياً عن هذا الغناء .
ومثال الرفاعي الذي كتب ” الحميني الحلقة المفقودة في امتداد عربية الموشح الأندلسي ” ، الذي أكد مع غيره من الباحثين أن الموشحات التي اشتهرت في الأندلس تشبه الأصل اليمني في الكلمات والتراكيب والمذاهب فيما قدمه مقدم بن معافر المقبري اليمني .
بناء على هذا التاريخ العريق يحتفل اليمنيون بيوم الأغنية اليمنية في كل 1 يوليو من كل عام ، وقد
اعتمدت وزارة الإعلام اليمنية هذا اليوم للاحتفاء بالأغنية اليمنية في كل سنة تأكيداً على أهمية هذا الحدث وعراقته .