الفن ترمومتر المجتمع / بقلم : عماد المقداد

يعتبر اقتناء اللوحات الفنية  في المجتمعات والدول من الحاجات  الكمالية والرفاهيات الزائدة  عن حاجة

الناس مقارنة مع الحاجات الضرورية  والأساسيات المنزلية .. لذا فإن اقتناء هذه اللوحات يعبر عموماً عن

العافية والرخاء لهذه المجتمعات .. سواءاً من الناحية المادية أو  حتى الفكرية ..

 

وإن تذوق فن الرسم خاصية ترتبط بالإحساس .. وبمستوى الوعي والانفتاح الثقافي .. كما  ترتبط تماماً

بحالة المجتمع إن كان في  حالة حرب أو سلم أو رخاء ..

 

و الموسيقى كذلك هي تعبير عن مزاجية  الأفراد والمجتمعات وثقافتها وعن الحالة المباشرة  أيضا ..

فيكون اللّون الموسيقي المعبر عن الحالة هو السائد  .. سواء كان حزناً أو فرحاً  أو  حتى في أزمنة القتال

والحروب أو النوازل ..  فإنه تُستعمل الموسيقى العسكرية أو الغناء الوطني الذي يعبر عن الانتماء والحب

للوطن  ..

 

وإن الفن والثقافة عموماً هما الترمومتر لعافية أي مجتمع .. فتجد في المجتمعات الهزيلة  المفككة والتي

يتَملّكها الجهل  يميل الفن للانحطاط والسوقية كنتيجة حتمية لانحدار ثقافة المجتمع .. حيث تظهر

المصطلحات التي تحض على تناول المخدرات والبلطجة كما في بعض دولنا اليوم ..

ونجد كذلك أن بعض الدول يميل غناؤها للحزن والبكائية  نتيجة استمرار الحروب لفترات طويلة ..

كما تحتفظ  بعض الأقاليم بخاصية حب الطرب الأصيل الذي توارثته عبر أجيال وأصبح ثقافة مجتمع

عامة ..

 

ونجد أن البعض أيضا تحت جنحة الجهل بالدين فإنه يُحرِّم هذا الوعاء الثقافي تحريم قطعي و الذي لم

ينزل  نص قطعي بتحريمه ..  واجتهد العلماء الثقات على مر الأزمان  كل حسب زمنه بإبداء خلاصة

اجتهاده فيه .. فبقي محل خلاف مشروع  ..

 

فهو كغيره من الأوعية الثقافية سلاح ذو حدين .. إما أن يكون سبباً في هدم المجتمعات وانحلالها ثقافياً

وخُلقياً  أو يكون سبيلا لتحريرها من التطرف  والجهل  ويبني رفعتها وسموها ..

 

فنحن لا ننسى أن فن الغناء الأصيل والطرب والتواشيح الدينية خرجت من المساجد حتى أنه كان يطلق

لقب شيخ على مشاهير هذا الفن القدماء مثل الشيخ سيد درويش والشيخ زكريا أحمد وكثير من الأمثلة

الذين تخرجو من ( الكُتّاب )  وكثير منهم كان يحفظ كتاب الله بدايةً  .. إلى طاش على السطح اليوم

زبدٌ و” شيء ” لا يمكن أن يسمى فناً بقدر ما ينطبق عليه كل مسميات الانحطاط ولا تمثله إلا مواخير

الدعارة وأصبح هو الأكثرية للأسف .

 

” فالفن مثل الكتاب .. وعاء لمضمون قد يهدم أمة أو قد يبني أخرى ” .

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!