كامل النصيرات
وأنا في القِماط ثرتُ ثورة الولد الذي لا يريد أية لفّة..لا يريد تقميطاً ..لا يريد رباطاً..! ذهبتُ وأنا بكامل قماطي إلى المطبخ و أمسكتُ السكّين وفككتني من كل القماط وتوابعه اللعينة ..! لستُ أنا من يقمّط..لستُ أنا من يعلنون عليه قواعد الهدوء الذليل والرضا بما سيأتيك..!
ورفعتُ سكّيني التي حررتني من القماط ومضيتُ إلى أمّي وأبي اللذين كانا لحظتها يأكلان بقايا زيت وبقايا رغيف محروق تماماً وتكلّمتُ بكلّ وضوح : ما دمتما جئتما بي إلى الحياة فدعا لي الحياة..!
وعشتُ حياتي بطولها وعرضها أحارب القماط..مخيّم البقعة يعرف نزعي للأقمطة..وقرية الكرامة شاهدٌ على الفتى الذي يمشي بلا قماط..وليس عليه عند الحقّ رباط..!
كنتُ أرضي وسمائي..كنتُ عشبي ومطري..كنتُ حرّيتي واختناقي..! لأن فكرة القماط لعينة من الأساس..هي أوّل العبوديّة وأول التأديب الذي يقود إلى (لعانة الوالدين) في السياسة قبل الأخلاق وبعدها..!
مشكلتي الآن ليست في الذين تقمّطوا وكبروا وصاروا يلبسون أجمل الثياب بدلاً من القماط..بل مشكلتي مع الذين تقمّطوا ولم يرفعوا عنهم القماط الذي لفّوه حول عقولهم ..حينها تدرك أن عقلهم ما زال (في كرتونته) أو (في ورقته)..ما زال مقمّطاً ومكتوباً عليه: أقسم بالله العظيم أن أرجع للمصنع كما خرجتُ منه ..!