الجزء الأول
أرض الباليوليت والبرونز والبيزنط
اصدقائي :
في عام 1970كنت يومها في الثالث الثانوي وكنت مثل بقية الشباب أحبذ الجلوس الى كبار السن من اقاربي والجيران ولا زالت محفورةً بذاكرتي قصة جاري وقريبي السبعيني وقتها عن الميسري
القصه كما رواهها العم ذياب :
حدَّثني :
كنت في حيفا للعمل وكما هم كل اهل حوران كانت فلسطين وجهتهم للعمل في سنين القحط .
عملت عند احد خواجات اليهود الطاعن في السن وقتها سألني :
من اين انت قلت له من حوران قال من اي بلدٍ في حوران وكأنه يعرف بلدنا أكثر منا قلت له :
من درعا فتهللت سرائره وأردف :
هل بعغف ميسغي :
طبعاً اعرفها فهي حزء من مناطق درعا
قال :
فيها مال وذهب اللي بغَوِّحْ من حيفا بيلحق ياخذ حصّه منو .
اصدقائي :
لا تزال الأودية وما تشكله من كهوف ومغر منتشرة بشكل كثيف في محافظة “درعا”، ويعود بعضها لفترة البرونز والبيزنط. تمازجت مع الطبيعة الخلابة والآثار الممتدة لآلاف السنين وأهمها منطقة “الميسري”، التي يوجد فيها نبع مائي كان غزيراً أيام الاربعينات حين كانت اغنام وابل الحجازيين القادمين من شبه جزيرة العرب
للرعي في اراضي حوران كانت تشرب منها قطعانهم ويحدثنا كبار السن عن ذلك حينها اختلفت قبيلتين على دور السقايه ونشبت معركه بينهما راح ضحيتها أربعين رجلاً من الطرفين
نعم هذا النبع يحمل اسم المنطقة “الميسري”،
يتربع وسط “وادي الزيدي” العميق الرافد الأساسي “لوادي اليرموك”، ويقع جنوب شرق مدينة “درعا” بحوالي 3 كم، كان سابقاً وما يزال يغذي عشرات القرى الصغيره المحيطه به عبر مراحل التاريخ كافة.
ويعتبر مركزاً لاستقطاب السكن البشري منذ فجر الحياة. وتوجد دلائل ماثلة حتى الساعة في الكهوف والمغارات المنتشرة في محيط المنطقة.
«تعود الكهوف والمغارات المنتشرة بمنطقة “الميسري” للعصر الحجري القديم “الباليوليت”. وأخرى من فترات البرونز وثالثة من الفترة البيزنطية المبكرة حيث أعشاش الدفن. إضافة للنماذج الصوانية العديدة المصنعة بتقنيات متنوعة. ولابد من ذكر الخربة الأثرية القائمة قبل انحناء الوادي للشرق على كتف سد “درعا” الشرقي، والتي تعود لفترة “البرونز” الألف الثالث قبل الميلاد. التي تعد من الأساسات المعمارية الضخمة والنماذج الفخارية الخاصة بها».
«يوجد جرف صخري عند انحناء جسم الوادي من الشمال للجنوب، وباتجاه الغرب يقوم الجرف الأكثر أهمية، المشرف على الشرق بكتل صخرية من البازلت الأسود الكبيرة الحجم. وهي قليلة باتجاه الشرق تزداد رويداً باتجاه الغرب والشمال الغربي، وقد وصلتها المقذوفات البركانية بشكل أكبر من هذه المنطقة التي انتهى عندها القذف البركاني، فبقيت تربتها صفراء وحجارتها كلسية بيضاء.
تقوم على هذا الجرف الذي يقارب طوله 500 م جهة شمال جنوب، بعض الصخور التي تعرضت لعمليات نحت وصقل. وحجارة شذّبت زواياها وأجران دائرية محفورة، كذلك العديد من القطع الصوانية المصنعة حيث النصال والفؤوس ورؤوس النبال والمقاشط والنواة الأم التي أخذت كل القطع من صلبها.
وحوالي 17 جاروشة بحالة جيدة، واثنتين مكسورتين ومدقات ومقابض اسطوانية من حجر البازلت. مع عدم ملاحظة أي تواجد للنماذج الفخارية من أي من العصور».
«في السفح السفلي القائم في أقصى الشرق يوجد التشكيل الذي يهمنا أكثر، وهو الرسومات الجدارية المنفذة بأسلوب فني مبسط، يعتمد على تحوير الشكل بخطوط خارجية غائرة بلطف، مع وجود نماذج قليلة تعتمد على تقنية التفريغ الكامل للشكل المراد تجسيده. وهناك يمكن أن نتحدث عن أكثر من فترة زمنية شهدتها المنطقة في عصور ما قبل التاريخ، وأن فنانين على درجة كبيرة من المهارة قد نفذوا هذه الأشكال، سيما وأنها متقنة للغاية وتدل على المستوى الرفيع لغنى هذه المنطقة. والرسوم موجودة في تشكيلات أقرب ما تكون وحسب الروايات الشعبية من بعض المهتمين إلى مغارات مسقوفة لها ثلاث أجنحة وسقف.
للموضوع بقيه
________
(منقول بتصرف باضافة بعض الشواهد )
***
الجزء الثاني
أرض الباليوليت والبرونز والبيزنط
في جنوب خربة الميسري الواقعه على جبل كلسي تشرف على عين الميسري من الجنوب والتي كانت مأهولةً في يوم من الأيام وامتداداً للجبل هناك مقبره قديمه منحوته بالصخر بباطن الأرض كثير عديدها منها المنهوب ومنها مازال لم يكتشف ولا يعرف مكان القبر او الفستقيه كما تسمى محلياً الا الخبراء بها دخلت احداها !؟
بدايتها حفرة على شكل غرزٍ ابعاده 1.5ب1.5 بعمق 2.5 م مغطى من الاعلى وعلى مستوى سطح الارض مغطى بشريحه من حجر القرطيان ( حجر صلب وثقيل الوزن بين الكلس والصوان ) أبعاده 1.5ب1.5 معشق مع سطح الغرز تعشيقا محكماً يؤدي قاع الغرز الى مغاره في الصخر الجيري بابها مقوَّس بارتفاه متر ونصف وهي مغاره(فستقيه) فيها ثلاثةَ قبور وتجد في الغرز الواحد فستقيه باتجاه الشرق او مجموعة فساتق في الجهات الاربعه من الغرز ودفعني فضولي انا وصحبي لدخول احداها وكانت ابعادها 3ب3ارتفاع 180سم تقريباً وهذه مشاهداتي :
ثلاثة قبور :
قبرٌ في صدر الغرفه على شكل ران صخري كلسي وآخر على اليمين وثالث على اليسار وفي وسط المغاره حفرة تصفيه لوضع عظام الميت السابق فيها لوضع اللاحق مكانه .
وهذه المساحه البالغه خمسون دنماً
مليئةٌ بهذه الفساتق المكتشفه وغير المكتشفه والتي لازالت عصيةً على لصوص الآثار .
أصدقائي :
«للشرق من هذه الخربة الأثرية الهامة ينحني الوادي باتجاه الشرق وصولاً حتى “خربة غرز” والسجن الكبير ومحطة الغاز التي تقوم جميعها على الطرف الجنوبي للزيدي وتنتشر عدة خرب أثرية صغيرة قوامها صخور منحوتة وحجارة مصفوفة إلى جانب بعضها البعض.
ومن أبرز ما يمكن الحديث عنه
الى الشمال من محطة الغاز
خربة غرز :
وهي اكوام حجريه لأبنيه اثريه قديمه على منعطف وادي الزيدي يقع غربها مباشرةً حفره طبيعيه فيها يصب ماء الزيدي كشلاّلٍ مائي سميت (عين الشرار) والتسميه محليه من اثر سقوط الماء قربها الى الجنوب نلاحظ طواحين حجريه بازلتيه ضخمه مبعثره هنا وهناك وهذا دليلٌ على حضارةٍ سادت ثم بادت .
والى الشمال من الخربة المذكوره توجد بركة الاتراك سميت كذلك لأن الجيش التركي كان معسكراً هناك ويشرب من تلك البركه .
والى الشمال القريب وعلى كتف وادي الزيدي من الشمال وشرق معصرة الكريم مباشرةً والمحاذيه لطريق درعا ام المياذن يوجد تل بازلتي صغير ذكر لي احد المزارعين في معصرة الكريم كان يعصر محصوله من الزيتون أن هذا التل
يوجد تحته سكن قديم وفي ارضيات هذا السكن لوحات من الفسيفساء لاأبهى ولا أجمل لقد شاهدها يوماً بأم عينيه كما قال .
وهناك الكثير من الشواهد ومما أعرف لايتسع المجال لذكرها .
وهناك الى الجنوب من خربة الميسري خربة الرُّ حَياْ وهي تماهي باقي الخراب بكهوفها ومدافنها وعيون المياه فيها والى الغرب من عين الميسري بقليل خربة الغَمَقَهْ وفيها عين الغمقه في قلب وادي الزيدي
والى الجنوب بأمتارٍ من العين يوجدُ ردمٌ للجبل الكلسي حجب تحته بناء كاتدرائيةٍ أو معبدٍ وثني لم يرَ منه حالياً اي شيء وقد وصفه لي احد كبار السن انه سمع من جده عن هذا المعبد انه دخله شخصياً وتحت الارض قناطر بناؤها من حجارة البازلت ولازالت فيه قدور نحاسيه وجرار فخاريه ومقتنياتٌ كثيره .ولا ننسَ رسوم الحيوانت المختلفه على الجرف الصخري البازلتي في الجزء الشرقي من القمقه والمطل على عين الميسري
تحت مزرعة ابو علي المصري والذي قدر عمره خبراء الآثار بآلاف السنين وفوقه في الارضظ المنبسطه فؤوسٌ وسكاكين وحراب صوانيه وكأنها صنعت اليوم .
والى الشرق من الميسري
وعلى بعد 300 متر وفي قلب وادي الزيدي موقع المُدَوَّرْ سمي كذلك لاستدارة شكله بابعاد 20-20 وكان غدير للسباحة ارضيته من البازلت الاملس . وبين صخوره جذور عرق السوس الطبيعيه كنا نقطعها في صغرنا ونمضغها في طريق العوده الى منازلنا والى الشرق منه عين الزرَّقي وهي عينٌ قديمه عمقها ينوف على ال 15 متر مطويه بجر البازلت المصقول جيداً .
كل هذه المواقع والخراب عائدة لمملكة الميسري التي يحق لها ان تسمى بهذا الاسم .
(منقول بتصرف واضافة بعض مارأيت وبعض ماسمعت )
ملاحظه : كل المعالم التي في بطن وادي الزيدي بما فيها الكاتدرائيه اغرقتها مياه بحيرة سد درعا الشرقي الممتده بشكل تنين صيني حتى سجن غرز وهي تقبع تحت الماء وبأعماق مختلفه تزداد كلما اتجهنا غرباً.
________
درعا – سوريا