كثيرٌ من الناس يعتريهم التردد في مسيرة حياتهم، سواء في مستقبلهم أو في أي أمر ينوون الانخراط فيه. يَجلسون يفكرون في المسألة أكثر مما تحتمل، والتأمل في الأمور ضرورى لدراستها وتحليلها، ولكن الإفراط في التفكير والتردد المذموم يُغرق النفس في بحار من الحيرة، فلا تعرف بالضبط ماذا تريد، ويَصير العقل أسيرًا لدوامات من القرارات المتشابكة، وأنت في الأصل غائب عن حقيقة ما يحدث لك.
إن الذي يحدث معك هو أنك لم تتعلم بعد فن اتخاذ القرار بنفسك، بل تعتمد في ذلك على آراء الآخرين، تسأل هذا وذاك، وتنتظر من يُناصر خيارك، وتتردد في المضي قُدمًا انتظارًا لموافقة الآخرين أو توافر شروط قد لا تكون ذات قيمة جوهرية في مسألة حياتك الشخصية.
السؤال والبحث عن المشورة شيء محمود، لكنه ينبغي أن يكون في حدود المعرفة والتنوير، لا أن يكون مطية لتسليم قرارك المصيري للغير، فتفقد بذلك حريتك وتفقد ذاتك.
فلتكن شخصيتك صلبة كالصخر، لا تهاب التردد ولا تؤجل قرارك تحت رحمة الشكوك. عرف نفسك أولًا بعمقٍ لا يلين، ثم اقترب من ما تريد بدقة، وادرسه دراسةً واعيةً تتخطى السطح لتصل إلى جوهر الأمر.
ابتعد عن كل ما يشتت ذهنك ويبدد تركيزك، صفِّ قلبك وعقلك من ضجيج الأفكار المبعثرة، واجلس مع نفسك في صمت يليق بك، تسمع فيها أصداء رغباتك الحقيقية، وتقرأ ما يرنو إليه فؤادك بصدق.
اختر طريقك أنت وحدك، لا تسمح للرياح المتقلبة للتردد أن تجرّك نحو طرقٍ لا تعبر إلا عن مخاوفك وهواجسك.
فالحياة لمن يملك القرار، ولمن يملك الشجاعة ليقول: “هذا ما أريد، وهذا ما أسير فيه”.
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية