بقلم: كمال محمود علي اليماني
سلمني العزيز الشاعر والروائي الجميل سمير محمد كتابا بعنوان ( مبارز) ، وأسفل العنوان عنوان فرعي يقول:( قصه الاغتراب اليمني في أمريكا)، لكاتبه خالد اليماني.
الكتاب من منشورات دار النشر عناوين، ويقع في 226 صفحة. يحتوي الكتاب على عدد من الصور في الخلف، ولقد قسّمه كاتبه إلى وحدات يتحدث فيها عن العرب الأمريكيين أو الأمريكيين العرب، ويستعرض ، على وجه الخصوص، قصة اغتراب أحد هؤلاء المغتربين اليمنيين في نيويورك واسمه عبدالسلام مبارز، ولقد حسبت ؛ أول ماتسلمت الكتاب وقرأت عنوانه، أنه يحوي قصة أو رواية لأحد اليمنيين الذين اشتغلوا بالمصارعة ؛ فمن معاني المبارز في عصرنا الراهن المصارع ، ولم يدر في خلدي أنه اسم لأحد مغتربينا في أمريكا ، وهو من أبناء قريه المعدات في مديريه شَعَر في أب ، انتقل إلى أمريكا للعيش فيها، وحقق خلال اغترابه نجاحات يُشهد له بها.
الكتاب لا يستعرض قصة عبد السلام مبارز فحسب، بل يستعرض قصه الاغتراب اليمني بشكل عام، وفيه أيضا حديث عن الاغتراب العربي، لكنه يركز بشكل كبير على المغتربين اليمنيين، وبدرجة أوفى على عبد السلام مبارز الذي اتخذ منه أنموذجا للمغترب اليمني الذي استطاع أن يشق طريقه في ولاية نيويورك، وأن يحقق نجاحات تجارية ونجاحات اجتماعية عدة.
يبدأ الأستاذ خالد اليماني كتابه في الحديث المستفيض لسردية الاغتراب اليمني؛ بأول مغترب من قرية المعدات مسعد صالح مبارز إلى عدة بلدان، وإن لم تكن أمريكا واحد منها، وحط رحاله في منتهى رحلة اغترابه في عدن ، وهو والد عبدالله ومحمد مبارز اللذين اتخذا أمريكا موئلا لاغترابهما، وهو ذاته جد عبدالسلام عبدالله مبارز بطل الكتاب ، إن جاز التعبير، ومما يؤكد عليه خالد اليماني أن رحلات المغتربين اليمنين إلى بريطانيا وإلى أمريكا كانت تنطلق من عدن ، وكانت تبدأ أول ماتبدأ مع كثير منهم عبرالعمل في البواخر في ميناء عدن ، ثم تنفسح لكثير منهم الفرص للاغتراب.
ويذكر خالد اليماني في كتابه أن أغلب المغتربين في أمريكا جاءوا من إب والبيضاء والشعيب ، وأنهم استطاعوا أن يكونوا لأنفسهم جالية كان لها أثر بالغ في الحياة التجارية في نيويورك على وجه الخصوص، وإن كان بعض منهم قد انزلق في مغامرات مع رجال المافيا الإيطالية ؛ فمارس القتل والاتجار بالخمور والمخدرات ، ومهم من دفع حياته ثمنا لانزلاقه ذاك.
نعيش في كتاب( مبارز) الكثير من الأحداث والمواقف الصعبة التي عانى منها عبدالسلام مبارز، على الصعيد الشخصي والأسري، وندرك حجم التحديات التي وقفت في طريقه وهو لما يزل فتى في مقتبل عمره ، ثم وهو شاب ، ثم رجلا، ونرى كيف استطاع بعزيمته وإصراره أن يتجاوز كل تلك الأحداث والمعوقات ، وكيف أستطاع أن يبني نفسه من الصفر ، وأن يحقق بجده وكده وحسه التجاري كثيرا من النجاحات على الصعيد الشخصي والاجتماعي والتجاري.
تقرأ الكتاب فتشدك هذه الشخصية اليمانية التي تقف أمامك كشجرة باسقة أصلها في الأرض وفرعها في السماء ، وتلاحق عيونك الأسطر لمعرفة المزيد والمزيد عنها.
نجح خالد اليماني في تقديم سيرة غيرية للمغترب اليمني عبدالسلام مبارز، وإن كان الكتاب ليس رواية أدبية ، ونجح من خلاله كتابه الشائق هذا في رسم لوحة جلية الألوان والتفاصيل لبعض جوانب حياة إخوتنا المغتربين في أمريكا، ولاشك أننا بحاج إلى كثير من الكتب التي تقربنا من إخوتنا المغتربين الموزعين في أصقاع الأرض؛ شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا.
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية