د. سعيد الجريري.. خارج الكهف

كمال محمود علي اليماني

بين يدي اليوم كتاب للدكتور النورس سعيد الجريري ؛ابن حضرموت الذي غادرها إلى هولندا قبل بضع سنوات ، والكتاب حمل اسم (خارج الكهف) عنوانا رئيسا ملحوقا بعنوان فرعي (بعيد عن سرير بروكرست الحضرمي).
يقع الكتاب في 200 صفحة ونيف ، وهو من إصدارات العام المنصرم 2022م عن دار عناوين للنشر.

جاء ، فيما يشبه الإهداء قوله:
إلى العالقين ،
هنالك،
والعالقات ،
بين الكهف والسرير.

كتب الأستاذ عبدالدائم السلامي تصديرا للكتاب خلص فيه إلى أن الكتاب بمثابة إعلان للمواجهة الحادة (( مع السائد الذي استبد بالأفق ؛ فأغلق أبوابه)).
والحق أن الكتاب محاولة من مؤلفه لرمي حجارة في بركة المجتمع الآسنة ؛ برجاء أن تخلق دوائر من شأنها تحريك الماء الراكد.
الكهف في العنوان دال على الظلامية ، في حين أن سرير بروكرست دال على واحدية الرأي والتفكير ، ولي عنق الحقائق.
والكتاب ، كما جاء في مقدمة الكاتب، نقدي يحاول استجلاء ونقد شواخص التراث من شعر ونثر، لاسيما الأمثال والمقولات الشعبية . وهو لذلك يتناول في بعض مقالاته بعضا من المقولات والأمثال الشعبية غير أنه لايمر عليها مرور الكرام ، بل يذهب إلى تفكيكها لغويا ، عامدا إلى استنباط مدلولاتها وتأثيراتها الثقافية والفكرية على العقل الجمعي الحضرمي واليماني والعربي ، إذ يرى الكاتب د. سعيد الجريري أن كل هذه المجتمعات تشترك في ذات الأدواء لاشتراكها في ذات الأنساق الثقافية والفكرية المتأتية من المشتركات اللغوية والدينية والتاريخية والجغرافية، وهي بالمناسبة تأثيرات سلبية تحتاج المجتمعات معها لأن تعيد دراستها وفقا للمناهج العلمية ، كيما تقوى على أن تتخلص من هيمنتها على العقل الجمعي المشترك.
الكتاب ضم 55 مقالة كتبت بلغة جد رصينة وراقية ذلك أن هذه المقالات تحاور المفكر بشكل عام ، والمثقف بشكل عام، ولاتحاور الرجل العامي الذي لايملك سلطة أو قدرة الدرس والبحث والتغيير بعدئذ.
وإذا أردت أن ألخص لك ماحمله الكتاب من أفكار جادة ودعوات صادقة ، فسوف اوجزها لك في نقاط ، وإن كان هذا الإيجاز لايغنيك أبدا عن قراءة الكتاب من الجلدة إلى الجلدة؛ لما فيه من عطاءات تنويرية وتوعوية لازمة لرقي مجتمعاتنا.
الكتاب يدعو إلى:
* تنمية مهارة التفكير النقدي والتفكير الإبداعي لدى الأطفال والناشئة، كما يدعو إلى ردم الهوة بين مجتمعاتنا والفلسفة.

* تغيير نظرة المجتمع نحو المرأة ، وعدم التعامل معها بدونية واضحة من خلال ممارسات اجتماعية وثقافية بل ولغوية أيضا.

*حرية التعبير عن الذات والآراء والأفكار، وكذا التعبير عن الحب.

*إيجاد مؤسسات صحفية وإعلامية حضرمية ينهض بها مختصون ذوو رؤى فكرية تعمل على تسريع خطى حضرموت باتجاه المستقبل.

*ترجمة الأعمال الإبداعية في الشعر والقصة والرواية لأدباء عدن وحضرموت الى اللغات الأجنبية باعتبار الترجمة حالة تفاعل بين الثقافات والآداب ، وليست طرفا يتلقى أو يعنى بنقل ماقيل عن مجتمعاتنا وأحوالنا بعيون الخارج، كالمؤرخين والرحالة والباحثين في غير مجال، على مالهذا كله من أهمية.

*النهوض بالتعليم العام والجامعي في البلد والمعتمد على التلقين والحشو والطرائق النمطية ، ويشير إلى بؤس البيئة التعليمية ، وتأثير ذلك على الخريجين
ووسمهم بنمطية التفكير ، ويضعف من تفاعلهم الإيجابي مع محيطهم ، وبما يقود إلى تدجين الإنسان وتطويعه للاستبداد به وبوطنه ومصيره.

* تأكيد الهوية والانتماء للوطن.

* إعادة قراءة ثقافة المجتمعات الشعبية ومكونات وعيها وسلوكها ، لاسيما من خلال دراسة المقولات والأمثال الشعبية التي يتداولونها.

الكتاب جد شيق وممتع ويدعو إلى كثير من التأمل والوقوف بجدية أمام مافيه من مقالات جادة ورصينة .

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!