مع شخص غريب يدعى (خالد حسني)، مصري الجنسية، عمره ٢٨ عاما، أسطورة العاشقين، وقبلة المحبين.
دلفنا معا منزل مهجور في قرية البهوفريك، ومنه إلى سرداب مخيف، يسكنه الأشباح والعفاريت كما قيل، ووقتذاك؛ كانت الأرض ترجف من تحت أقدامنا وتتصدع، الأنفاس تتقطع، وأرواحنا تكاد تنتزع منا، والجميع لا يعلم بعد، ما إذا كنا في حلم، أم في سرداب حقا؟، أيزول هذا الخوف والظلام اللذان يحيطان بنا؟ أننجوا ونعود إلى أهالينا ؟ أو أننا صرنا عناويناً للأساطير ، كما هو حال الكثير الذين سبقونا إلى السرداب.
عندما ألتقيت بخالد قال لي: ” إن الناس يقولون إن الحب أعمى، وهو يقول: “إنّ العمى أصابه عندما أحب”. أما أنا فقد أصابني العمى حين دخلت معه هذا السرداب المسمى ” سرداب فوريك “، وقد كنا نجري معا، والجدران تنهار من خلفنا، وكلانا يسمع ارتطام الصخور المتساقطة وكأن زلزلا قد وقع.
ينتهي بنا سرداب فوريك إلى صحراء مقفرة، ثم إلى أرض خضراء، تسمى “زيكولا”، وفي تلك الأرض عالم آخر، عملتهم ليست نقودا، بل تمتعهم بالذكاء، وقوانينهم؛ كعملتهم غريبة وظالمة.
الناس هنا مختلفون تماما، إنهم أشبه بسجناء، يحيط بزيكولا سور عظيم محكم، لا يفتح إلا يوما في رأس كل سنة، وفي ذلك اليوم يحتفلون بذبح أفقرهم.
كنت أعلم قبل ذهابي إلى زيكولا أن الفقير يذبح بغلاء الأسعار، وجور الحكام، وكنت أعلم أن كثيرا من الأذكياء فقراء، لكن في زيكولا، الحياة للأذكى، والموت للأغبى، الموت لمن يأتي عليه يوم زيكولا، وقد نفد مخزونه من الذكاء، من يفقد ذكاءه، يصير فقيرا، ويصفر لونه، ويتشقق فاه، ويحكم الأطباء بفقره، وتضرب الدفوف والطبول، ويذبح والجماهير تهتف بالعدل .
بضعة أيام قضيتها في أرض زيكولا، وكلما هممت بالخروج، شدني الفضول لمعرفة ماذا يعمل خالد حسني، وطبيبة زيكولا ، الذي وقع في حبها مؤخرا، وقد عمل خالد بتقطيع الصخور، بعد أن أراد أن يعبر السرداب، ويعود بالكنز الذي تتحدث عنه الأساطير، ويظفر بحبيبته “منى”، والتي سبق أن رفضه والدها لثمان مرات على التوالي، وفي زيكولا أراد خالداً أن يعود إلى قريته قبل أن يفتح السور، فحفر نفقا، وبسببه فقد وحدات ذكائه، وقبض عليه جنود القصر الملكي، وحكمت عليه الطبيبة “أسيل” التي تعشقه بالفقر، ثم ما لبثت أن منحته مخزوناً من ذكائها، وغادرت زيكولا.
فعلا أستمتعت برحلتي إلى أرض زيكولا، وقد كانت عبر رواية الكاتب القاص عمرو عبد الحميد، أهدتها لي قبل ستة أيام حبيبة قلبي، في يوم اللغة العربية ١٨ ديسمبر بحصولي على هديتي تلك، تقول حبيبتي :” إنني أحق بالتكريم في يوم اللغة “، سرت مع الرواية صفحة صفحة أتخيل نفسي خالد حسني، وأراها أسيل (طبيبة زيكولا)، وقد فعلت مثلما “خالد”، أسميت نجماً باسمها، وحين سألت حبيبتي : ماذا لو كنت الطبيبة ؟ هل ستحكمي بفقري ؟ لأنك لا تجاملي أحدا، ولو حكمت هل ستعطيني مخزونك من الذكاء؟ كي أنجو!.
ردت كل برود : لا، لن أعطيك وحدة ذكاء، اقرأ الجزء الثاني من الرواية كي تعرف حجم المعاناة التي ذاقتها أسيل.