سلبيّون في حفل ثقافي/بقلم : علي الدرورة

في الاحتفالات الثقافية قد تجد بعض السّلبيين الذي لا تتوقع وجودهم، إذ يجلسون بجانبك صدفة فتكتشف ما يدور في عقولهم.
وهؤلاء قد لا تكتشفهم من خلال السّلام والحديث العابر وخاصّة قبل بدء الحفل، فتجدهم ودودين إلى حدٍّ ما كما يبدو لك ظاهرياً.

حين ولجت إلى قاعة حفل ثقافي ذات يوم أخذت مكاني في الجلوس وصرت متابعاً لفقرات الحفل.
وكالعادة تكون الأمور عادية في متابعة فقرات الحفل التي تستمرّ لمدة ساعتين تقريباً، وهو زمن قد يطول أو يقصر بحسب البرنامج الذي قد يخرج عن سيطرة المؤطّر أو المنسّق أو ما نسمّيه عريف الحفل.

في هذه الأثناء يأتي الزمن المناسب لتكتشف وبالصّدفة أفكار الآخرين الذين يجلسون بجانبك من خلال تعليقهم أو طرحهم للأسئلة التي عادة تكون غير مناسبة، أو قل هي غير مقبولة أو مستساغة إلى حدٍّ ما؛ لأنّها غير مناسبة بأن تطرح عليك من شخص لا يعرفك ويلتقي بك أول مرة وفي حفل يكون فيه الناس مصغين لمن يخطب على منبر الحفل وهذا يشوّش أفكار الآخرين فلا يجعلهم يركزون، وبالتالي تشوّش أفكارهم.

فبعد قليل لاحظت أنّ الشخص الذي يجلس على يساري يحمل كتلة كبيرة من الطاقة السّلبية، فقد كان يهزّ رجليه بقوة وباستمرار وكأنّها محرّك يعمل دون توقف، وبما أنني لا أعرفه نظرت إليه وكنت أنوي أن أقول له: أوقف هزّ رجليك.
لكنّي فضّلت القيام والذهاب لطاولة القهوة أحتسي فنجاناً من القهوة، لعلّ ذلك الرجل يفرغ شحنته السّلبية دون إصابتي بالعدوى.

بعد رجوعي إلى نفس الكرسي الذي كنت جالساً فيه لاحظت أنّ الرجل قد أوقف هزّ رجليه ولكنّه وضع رِجلاً على أخرى، وهذا في مجتمعنا الشرقي عادة سيئة وغير مقبولة من أيّ شخص وخاصّة الجلوس في المجالس المحترمة بين الناس، على أنّ هذا العرف منبوذ في الأوساط الخليجية.

وعلى جانبي اليمين شخص آخر قال لي: هل أنت من عشيرة آل فلان (……)، قلت له: لا، فعاد وقال لي: أنت تشبه فلاناً بائع الخضار!
قلت: الله أعلم، وفي نفسي قلت: بائع خضار أو بائع سمك أو دجاج، أو …، لست أدري! قلت له: أنا الدكتور علي الدرورة، فلم يعرفني وأظنه لم يسمع بي في حياته فعرّفني بنفسه واسم بلدته.

ثم فكّرت ودارت الأسئلة في فكري، وقلت: ما الذي جيء بهذا إلى جانبي؟ لقد ابتليت بين اثنين (مسطّي) و (أسطى منه).
وأنا أتحاشى الحديث معه تجنّباً لإزعاج الآخرين، وبعد قليل قال مسيّر الحفل اسم شخص ما، فسألني ذات الشّخص عن تخصّصه.
قلت: لا أعرف!! وقلت في نفسي: وبماذا يفيدك تخصّصه!!.

وصرت أتحدّث مع نفسي بأن أقوم من مكاني وأذهب إلى مكان آخر، فقد جلست بين شخصين نقلا إليَّ شحنتين سلبيتين!!، ولكنّي استعنت بالله بأن يلهمني الصّبر حتى نهاية الحفل، وقد واصلت الجلوس حتى النهاية، والحمد لله انتهت الأمور دون إزعاج يذكر.

عادة يكون الإنسان المدعو لأيّ حفل يجلس بتواضع ويعكس ثقافته ومكانته؛ لأنه سوف يكون هدفاً لمنظار الآخرين والدعوة لحفل أدبي ليس كأيّ دعوة أخرى!!.

ولكنّ الدعوة في حفل ثقافي اتضح لي أنّها قدّمت بعشوائية لكلّ من هبّ ودبّ ومن ليس له علاقة بالأدب والثقافة!!
وهذا ما لاحظت وجعلني أشعر بالامتعاض!.
لأنّ الأديب أو الشاعر وكذلك المهتم بالشّأن الثقافي يتفاعل مع الخطيب على منبر الخطابة وما يطرح من الشّعر ومن جميل القول ويتفاعل مع الكلمة الطيّبة والرنانة، أما هؤلاء فلا يوجد لديهم أدنى اهتمام أو أيّ نوع من التفاعل!!.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!