“سياحة أدبية مابين الخرز والزبرجد، وحواء النصف، وبلاط البحار، للشاعر المبدع محمد أحمد سلامة الجهالين”

بقلم الروائية عنان محروس

موهبة الإبداع ثروة، يهب الله جل ّ جلاله نعمة اكتشافها لمن يشاء، صفة فطرية نولد بها، إلا أن تلك المهارة تحتاج إلى التطوير والمثابرة وهداية الطريق لرسم ملامح المسار منذ بداية الخطوة الأولى ، وربما لا يكون على الأغلب التحصيل الأكاديمي والعملي على نفس الوتيرة
فالشاعر الجهالين، ناقد وباحث لغوي، ومؤرخ ، عضو في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين ، وأيضًا عضو دارة الشعراء الأردنية، لكنه خريج الجامعة الأردنية ، بكالوريوس إدارة أعمال، وعمل مديرًا إداريًا للشركة العربية لصناعة الأدوية( من مجموعات الحكمة) لأعوام كثيرة لايستهان بها ، ما يناهز ال ٣٦ عامًا
ومن جهة أخرى امتلك الشاعر محمد نباهة نادرة في الإشارة إلى الخطأ اللغوي ، والمبادرة إلى التصويب وإن كره المغرضون، فهو ضد التثقيف اللاصق ورقصات إدعاء المنشورات ، كما وصف، شيمته الوفاء، يجاري الفهم والاستيعاب تأييدًا ومباركة، ثابتًا راسخًا كسنديانة، لا يغير من مبادئه ولا من قناعاته، وهنا لابدّ من ذكر أنه مؤسس مدونة هنا السلط ، ومراقب عام شبكة الفصيح لعلوم اللغة العربية

أمسية اليوم كما نعلم، قصيدة واحدة من مئتين وخمسين بيتًا شعريًا بعنوان الخرز والزبرجد ، حيث تحاور القصيدة شعراء العربية من امرؤ القيس إلى محمود درويش مرورًا بالمقنع الكندي ، إلى عمر بن أبي ربيعة، إلى عروة وجرير والفرزدق والأخطل والمتنبي وغيرهم
لكن من الواجب أن نعرج قليلا على ما احتوت الجعبة السحرية الشعرية للجهالين، من أيامٍ كان فيها طالبًا في الجامعة
ولنبدأ بعام ١٩٨٠ بديوان مناظرة شعرية على مدرجات الجامعة الأردنية وفي مدن المملكة، مع صديقه الشاعر أكرم الأسمر ، بعنوان حواء النصف ، وباقي تأويل عتبة العنوان لنا، حيث يتبوأ الشاعر مقعدًا صادقًا للدفاع عن المرأة ورفعة مكانتها وحقها في العدل ، ويكفي النساء اعتزازا ، بيت شعري من الديوان يرقّ له قلب المسامع
من غيرِها حواء ، ما نَعُمت لنا
دنيا، فكيف اليوم تهجوها الجمل
وأيضًا
عيناكِ في كل اللغاتِ عليمة
وأنا بلا لغةٍ ، سوى لغةِ المُقل

أما إن ساق لكم القدر السعيد ديوان بَلاط البحار ١٩٨٩، أعدكم أن تتربع أحاسيسكم المرهفة ، مابين الشوق لجنين نابلس رام الله غزة القدس طوباس بيت لحم ، لكل فلسطين الأبية ، ولارتديتم كوفية العودة ، رغم معترك الخيبات والألم ، لخنق الكيان المغتصب ، بهدبِ تفاؤل لن يغادر كبرياء الكرام مهما طال الانتظار
رحلةُ إباء ، أدعوكم جميعًا أن تستقلوا قطار أبجديتها، لتتوقفوا بمحطات تُثلج قلب كل قارىء نهم يفقه الحق وقوله

ومابين قديم الشاعر وجديده، ولأن لكل مقام مقال، فقد اختار الشاعر محمد الجهالين مفردات بليغة بالغة المعنى ، تتناسب مع ذوق المتلقي ، ومكانة ومكان القصد من الإفصاح، تجوّل ببراعة في ميادين الصنعة الشعرية ، حيث اللفظ والمعنى صنوان كروح وجسد ، قدرة لغوية بارعة متميزة تثير الدهشة بعيدًا عن التكلف وتساير الإتقان بما فيها من مهارة ودقة، لتبدو كصورة مصاغة بالوافر من الخيال والتصوير الحسي والتناص والتماسك النصي ، والوزن والإيقاع، والإغراب والتعجيب ، وهي عناصر تتمثلها مجتمعة ، الصياغة الشعرية المبدعة، ليحضرك في النهاية وقفة مهيبة لشاعر حقيقي متميز لا يُقلد كقصائده
وفي النهاية أقول معترفة، ليس من السهل التقديم لشاعر بقدره وبراعته، يشجيك ليذهلَ سمعك بروعة قلّ مثيلها، ومن ثمّ ليعملَ فكرك وعقلك، فلا تنتهي المهمة بإنتهاء سماع القصيدة
يستحق الشاعر الجهالين كل ما طُبع عليه اسمه من مطبوعات مسموعة ومقروءة على الورق وأفئدة بصيرة السمع ، بحبر ثمين يفوق نفيس الجواهر فخامة وقدرًا

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!