يبدأ بفتح صفحة في (الفيسبوك) أو (تويتر) ليتواصل مع أصدقائه.. في البدء يكتفي بالتعليق على منشورات أصدقائه والإعجاب بها. ثم يحاول التقرب من الأدباء والكتاب والشعراء بمتابعتهم في تويتر وطلب إضافتهم في الفيسبوك.
يعجبه بعض ما يقرأ من منشورات؛ وبخاصة الفقرات القصيرة والمقالات المختصرة والمقطوعات الشعرية، ثم يبدا بإعادة نشر ما يعجبه مما وجده مبثوثا بلا حماية في صفحات توتير أو الفيسبوك.
ينسى – أو يتناسى – أن ينسب ما نشره إلى صاحبه إن كان له صاحب، أو يشير إلى أن ما نشره مما أعجبه أو يذيله بكلمة (منقول). تبدأ الإعجابات والتعليقات المشجعة ظنا من أصحابه أن ما نشر من وحي إلهامه ومن بنات أفكاره.
يتسلط عليه شيطانه الخاص او شيطان أحد القراء ليغريه بالكتابة مادام يملك هذا الأسلوب الساحر وينسى أن ما نشر من إنتاج الآخرين.
يزين له الاصدقاء أو تسول له نفسه بأنه أصبح أديبا مرموقا ما دام يتواصل مع الادباء ويعلق عليهم، وينشر من بنات الأفكار المهملة في الفضاءين الأزرقين. ينبهه بعض القراء أن من الواجب عليه أن يشير إلى صاحب النص وأنه لا يعيبه أن ينقل من الآخرين، ويذكره بمقولة الأسلاف: “اختيار الرجل جزء من عقله” وأن حسن الاختيار نوع من الإبداع.
يسلم بهذا القول وينطلق يقص ويلزق ولا يضيف من تعبيره سوى كلمة (منقول) أو (أعجبني) ثم يأتي من يزين له جمع ما نشره على صفحات التواصل وترتيبه وطبعه في كتاب يحمل اسمه لينضم إلى قائمة المؤلفين على أساس أنه لا فرق بين (التأليف) و(الإعداد). وقد يشجعه باختصار الطريق عليه أحد الناشرين الذي يتكفل بمهمة الجمع والترتيب ضمن تكلفة الطبع، ويقنعه بأن كتابه هذا مما يصلح للقراءة في عصر السرعة، وهو أفضل ما يسلي به المرء نفسه في المطارات والقطارات وصالات الانتظار في عيادات الأطباء.
ينشر ويصبح – بين عشية وضحاها – مؤلفا يشار إليه ولو بالعصا.
وما دام قد أصبح مؤلفا فما الذي يمنعه من توقيع كتابه في معرض الكتاب؟ وينتقل من مرحلة الهاوي إلى الكاتب ويلقبه اصدقاء الفيسبوك وتويتر بالكاتب والشاعر والأديب، وينسى أنه ما زال لا يحسن كتابة جملة واحدة صحيحة.. ينسى انه ما زال يكتب (إن شاء الله) هكذا: (انشا لله) و(إنا لله وإنا أليه راجعون): (إن لله)!..
يتعرف على إعلاميين مبتدئين يطلب منه أحدهم مداخلة أو مقابلة، ويبدي موافقته للمشاركة مهما كان الموضوع، ويجد فيه هؤلاء الإعلاميون المبتدئون مداخلا جاهزا ومستعدا في كل وقت، فيصبح عنصرا ثابتا في كل قضية ونقاش. يشكو من هضم حقوق الأدباء وغياب تكريم المبدعين وانزواء الأندية الأدبية.
يأتي من يقنعه بأن قصة حياته وكفاحه تستحق أن تكتب بماء الذهب على شكل رواية، وأنه لا فرق بين (السيرة الذاتية) و(الرواية) ويجرب حظه فيضيف إلى ألقابه التي اكتسبها من قبل لقب (الروائي) رغما عن أنف الروائيين!