كتب العالم ورائد علم الاجتماع، ابن خلدون، في مقدمته الشهيرة في القرن الرابع عشر الميلادي كلاما بديعا يحاكي واقعنا اليوم، وذلك بشأن ما يحصل ويحدث عندما تنهار الدول، وقد أحسن، وبالغ في الحسن في ما ذهب إليه، وقد قال: عندما تنهار الدول يكثر المنافقون والدّجّالون والقوّالون والمتصعلكون والمتفيهقون، الخ…، إلا أنه لم يستخدم لفظ النخب، وذلك لعدم علمه بأن الإمارات في آخر الزمن ستستخدم هذا المصطلح في جنوب اليمن على غير معناه، وليكون كذلك بديلا من كل ما ذكر، إذ إن لفظ النخبة يدل على الصفوة، وليس للأراذل والرُعاع، ومن على شاكلتهم من السفلة نخبا في فكر ابن خلدون.
ومما أدلى به أن “الأقنعة تتكشف عند انهيار الدول، ويظهر الزيف”، وبانهيار دولة اليمن، كشف قناع الإمارات شيئا فشيئا، وقد سقط أرضاً بسقوط عدن وانهيار شرعيتها، كاشفا عن حقيقة قيادتها، ومن خلفها كذلك السعودية التي لم تحرك ساكنا، وقد تحوّل التحالف دون خجل من صديق إلى عدو، كما تنبأ بذلك عالمنا العربي بالضبط.
وقد ظهرت على السطح وجوه مريبة مخيفة كهاني بن بريك في عدن وأبي العباس في تعز. وهؤلاء المتفيهقون الذين ساد بلحاهم الرعب والذعر، واختلط بهم الحابل بالنابل، قد ضيع صوت الحكماء والعلماء الذين اغتالوهم وقتلوهم، وظهرت العجائب والغرائب، وعمّت الفوضى، وأصبح الانتماء لدولة الإمارات أكثر التصاقا من الانتماء لتراب اليمن، وأعلن انفصال الجنوب عن الشمال، وطُعن سيادة الرئيس عبد ربه في عقر داره.
وعندما تنهار الدول، تظهر الإمارات وتنتشر مرتزقتها في أرجاء الوطن، ويحكم الرُعاع، ويُهجّر الزعماء والشرفاء، وتُنهب البيوت والقصور والمقرات، وتكال الشتائم، ويتقاذف بالخيانة بين أهل البيت الواحد. وقد حلّت الإمارات في أرض اليمن شريكا في تحالف العرب الذي جيئ به لمساندة الشرعية وتثبيت أركان الدولة المنهارة، لكنها ما فتئت منذ مجيئها على زعزعة ما تبقى من أركان دولتنا، واشترطت على خروج شيخ تعز وركن مقاومتها الصلب، الشيخ حمود سعيد المخلافي، وزرعت بدلا منه أبا العباس، وأنشأت كتائب الموت وأحزمة الخوف وطوارق الشر ونخب الفساد في كل بقاع اليمن المحررة، قاصدة منها انهيار الدولة على وجه أكبر