لو أدرك الأحياء أن هذه هي الخاتمة ، لما أرهقوا ذواتهم في حصاد دينوي زائل .
أزور القبور فلا أرى سوى الشواهد التي تحمل أسمائنا فقط دون ألقاب حتى ، هكذا هو الموت عبور لعالم أوسع ، لا نأخذ معنا من هذه الدنيا سوى حصيلة أعمالنا وما زرعناه من خير أو شر .
أشياءنا الجميلة و مقتنياتنا النفيسة والأشخاص الذين أحببناهم وأنفقنا عليهم قلوبنا لن يكونوا معنا هناك في عالمنا الجديد ، وربما لن يتذكرونا حتى أو يمروا على قبورنا ليزرعوا وردة .
أعتقد الآن أنني جاهزة للموت أكثر من أي وقت مضى ، وأن خوفي من وحشة القبر قد زال تماماً ، وأن الموت أصبح صديقاً وفياً يلازم فكري ، فمن اشتاق للقاء ربه ، ستسقط في داخله كل اعتبارات الموت وكل سيناريوهات الخوف ، عندما قال بلال المحمدي : ” غداً نلقى الأحبة محمداً وحزبه ” كان يعرف أن للقاء حلاوة تقتل رهبة الموت ، وأن الشوق للحبيب أكبر من الموت نفسه .
الأن بت أفهم أكثر شعور السيدة فاطمة الزهراء بعد وفاة أبيها ، وبكائها المستمر عليه ، حتى كانت أول اللاحقين به .
لم تطق هذه الدنيا دونه .
فكيف أستطيع الصبر ؟ بعد فراق مدينته التي سلبت مني قلبي وأنا كل يوم في وجد وفي شجن وشوق للقائه ؟!
كيف أشرح لكم وحشة الأماكن دون المدينة !
وأن المدينة جنة حقيقة بروحانية الحبيب الأعظم ومهبط للأنوار السماوية، ومثوى الأرواح الطاهرة عبر الأزمنة ، وإليها تُشد رحال الروح حين تعجز الأجساد .
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية