يزداد هذا الوجع على مدار اللحظة؛ ليس لأن فلسطين ما زالت بيد الأعداء وتحت الاحتلال؛ بل لأن (شوارب) كثيرة في هذه الأمّة ما زالت تدّعي أن الصقر يقف عليها والحقيقة كلّ الحقيقة أن (الشوارب) والصقر هي خرافة عربية عندما يتعلق الأمر بفلسطين..! عند فلسطين تسقط شوارب وتتأرنب أسود ولا يكون كثيراً هناك إلاّ الفلسطيني ومن حمل على نفسه منذ الميلاد أنه منذور لها..
في الوجع الفلسطيني يحدث الذي يتكرّر دائماً؛ تعرف من معك ومن ضدّك ومن يتلكك وهو معك ومن يبذل كل طاقاته ليكون ضدّك..! عند فلسطين لا تفتح سجلاً ولا تُثبِّت أية قوائم؛ لأن ذاكرة فلسطين هي المرجعيّة التي لا تخطئ وفي قدسها حكايات لن ينتهي مفعولها بل حكاياتها تتحوّل إلى أساطير تطير من جيل لجيل ومن قرية لبلد لقارّة حتى تخنق العالم كلّه بأنها موجوعة وأسباب أوجاعها هو العالم كلّه..!
نعم؛ فلسطين مليئة بالوجع الآن..والكيل طفح في القدس؛ والمقدسيون (شالوا الشيلة وما زالوا على شيلهم)؛ ولكنّ المتفرجين سيأتي عليهم حين من الدهر لن يجدوا كرسياً واحداً للفرجة..بل سيكونون حطب نارها سواء وهم جالسون أو وهم هاربون أو وهم يعبثون فيما تبقّى لهم من خيارات..ولكنهم سيتفقّدون شواربهم لحظتها ليفتلوها الفتلة الأخيرة ولن يجدوها لأن نار كرامة فلسطين بقدسها تكون قد قطعت شوطها الأخير في تحرير العربيّ من الذلّ الذي بنى فيه قصوراً ساحرة من الرمل على شواطئ العار وفي بحرّ لُجّي..!
فلسطين بقدسها دمعة الوجع ودمعة أخرى تنتظر لتسقط مع سنابك الخيل القادمة.
ع/ جريدة الدستور