“الرواية العربية في الفضاء الرقمي”، عنوان البحث الذي ألقيته في المؤتمر الدولي الكبير، الذي أقامته جامعة النجاح برعو، بجمهورية صوماليا لاند، وذلك يوم الاثنين 18 ديسمبر 2023، احتفاء باليوم العالمي للغة العربية.
أ. د. مصطفى عطية. مصر
وقد ذكرت في مداخلتي أن هذا البحث يستهدف مناقشة علاقة السرد الروائي العربي بالفضاء الرقمي / الإلكتروني ، وكيف تفاعل الأدباء العرب مع عالم الإنترنت بوصفه عالما موازيا لعالمنا المعيش، فيه من الشخصيات والرؤى وسبل التواصل والاتصال ما يختلف عن عالمنا الواقعي، وفي نفس الوقت يكمله ويضيف له ؛ على قناعة أن شبكة “الإنترنت” ليست مجرد وسيلة اتصال، وإنما شبكة من الوشائج وسبيل للبوح وأوجه التلاقي الإنساني.
وقد تراوح تفاعل الأدباء العرب مع الشبكة العنكبوتية ، ما بين مكتفِ بنشر أعماله الورقية فقط ، أو من يضعها في موقعه الخاص على الشبكة ، ومن ثم يتلقى آراء القراء ، ويناقشهم مباشرة ، أو مَن يبدع من خلال عالم الإنترنت ذاته ، بحيث يدمج علاقاته على الإنترنت ضمن نسيجه الروائي ، لنرى شكلا جديدا من الكتابة، قوامه الصلة بين عالم الكاتب الحي الواقعي ، وعالمه الافتراضي الذي خلّقه بنفسه، وبنى وشائجه على عينه ، وتلقّى إشعارات القراء وتعليقاتهم ، حول ما يبدعه.
في ضوء هذا ، جاء هذا البحث ، مؤصلا في مطلعه لعلاقة الأدب بعالم الإنترنت الذي بات حقًا من حقوق الإنسان المعاصر ، وهو حق التواصل والاتصال والمعرفة ، مستعرضا الأجيال الجديدة التي ولدت وعاشت زمن الشبكة العنكبوتية، وأيضا الأجيال السابقة التي أوجدت لها مساحة على هذه الشبكة ، ونجحت في التواصل ، بل وكتبت إبداعات عن عالم الفضاء الإلكتروني .
ومن ثم يتطرق إلى أشكال السرد الروائي على الإنترنت ، وأنماطه المختلفة مثل الرواية الفيسبوكية والرواية التكنولوجية ورواية علاقات الإنترنت وغيرها ، مناقشا الماهية والبنية والجماليات وأوجه الإضافة والتمايز لبعض الروايات على سبيل المثال، وليس الحصر .
وتجدر الإشارة إلى أن الباحث حصر النقاش في السرد الروائي ، استجابة لمقتضيات المساحة المتوافرة في بحثه من ناحية ، وكي تتسع له مساحة التصنيف للسرد الروائي من ناحية أخرى ، آملا أن تستكمل أبحاث تالية ما انتهجه هنا، على مستوى الأشكال الإبداعية الأخرى ، وما أضافه لها الفضاء الإلكتروني ، وما أضافته هي لعالم الشابكة . فنحن مؤمنون أن الأـدب في أحد تعريفاته الأساسية مرآة للمجتمع والناس ، وتعبير عن نفسياتهم الفردية والجماعية في تواصلهم الحياتي.