آفاق حرة
بقلم الكاتبة سليمى السرايري
هشام الكتاري، فنان تونسي، أستاذ موسيقى وعازف على عدة آلات موسقية أهمها العود والكمنجة…
أراه بعين شاعرة وبعين فنانة تشكيلية وبعين عاشقة للفن وعاشقة لصوته..
السؤال يفرض نفسه :
لماذا يعشق الناس صوته؟؟
لأنه صاحب قدرة عجيبة في تطويعه حسب موضوع النص الذي يتناوله باللحن والأداء…
ويسهر على أن يصبح في أبهى حلّته وذلك لأنه بداخله فنان… بل فنّان كبير…
لا أعرف السيرة الإبداعية التي يخفيها هشام الكتاري عن الجميع، فتخيلوا ذلك الشاب في مرحلة ما من عمره، الشاب الذي يبحث عن الدندنة، عن الأصالة، عن السحر، وأذنه تسبقه إلى محافل الشعراء والفنانين في زمن جميل وهو يملأ روحه وذاته بالفن الأصيل…
وكانت الصدفة خير من ألف ميعاد وهو يلتقي بالكبار ويتتلمذ على أيديهم، هادي الجويني، علي الرياحي، صادق الثريا ، محمد الجموسي وعبد العزيز جميّل وهو الموسيقي الذي يصنع الألات الموسيقية وغيرهم من الفنانين الذين تركوا بصمة فنية في تاريخ تونس والمشهد العربي…
كما تتلمذ على يدي الكتاري، عديد الأشخاص كبارا وصغارا سوى ليصبحوا بدورهم محترفين أو للهواية وحب الموسيقى…
هشام الكتاري موسوعة فنية كبيرة يحدّثك بطلاقة عن كلّ فنان من الأجيال القديمة في زمن جميل تونسي أو عربي ويحاول بعمله إعادته بكلّ تفانٍ واقتدار…
الجميل في المايسترو هشام الكتاري، أن صوته يتماشى مع جميع أصناف الشعر وإن كان نثرا، يطوّعه ويغزله وينسجه على سلّمه الموسيقيّ بكل عناية وحب..
ونحن نعرف أن من يحب عمله، يبدع في ميدانه وينثر من حوله الجمال والسحر والطرب والنشوة ..وهذا ما يفعله هشام فهو فنان ولكنه مدرّس موسيقى، قد تابعتُ ذات مرّة تدريسه في الفصل فكان حقا مختلفاً يجعل التلميذ يسعى إليه لا مجبرا ومتكاسلا، وذلك بأسلوبه المدروس في التعامل مع التلاميذ فأصبحتْ علاقته بهم لا علاقة مدرّس موسقى فقط، وإنّما علاقة أبوّة وصداقة وحب كبير…
هشام الكتاري له ميزة تعجبنا جميعا، أنه لا يترك النص الذي قام بتلحينه وغنائه ليقدمه في المناسبات فقط، وإنّما يحرص أن يصمم له “فديو” تقريبا في نفس اليوم الذي ينجح فيه ليصبح العمل جاهزا صوتا وصورة..
ألحانه مختلفة تشدُّ المتلقّي إلى آخر الأغنية، وهنا قدرة الفنان الأستاذ الملحن هشام الكتاري الذي كم أسعدنا بأعماله …
هو اسم يشقّ طريقه بثبات ويخلق مساحات الجمال مع عدة شعراء ،
يغنّي فيطرب من حوله، يدندن على أوتار عوده فتتّسع المسافات وتنبت فيها زهور القرنفل والمارجريت…
كالحلم يأتي، ليملأ جرار الروحِ نشوة عارمة ويغذّي الروح المتعطّشة للرقيّ في زمن يكاد يفقد مسحة الجمال وتتربّع الرداءة على العرش,,,,
غير أن مثل هشام الكتاري ، يحارب الرداءة بأعماله الكثيرة والتي لا تُعدّ…
هو يعانق الحرف ويحوّله لحنا ساحرا فنسموا وفترتعش القلوب وتترقرق العيون غبطةً…
حين يقطر اللحن لؤلؤا، نشعر أننا دخلنا كهف الأبدية وخرجنا مسكونين بالضوء….
.. هشـــام الكتاري ،
كم تشدّنا الموسيقى التي تسعد بها كل الذين حولك…
نكتمل بأوتارك وألحانك وصوتك ليصبح العمل أيقونة رقيقة حريرية السمع والملمس…
هذا هو الفنان هشام الكتاري، الملحن والمغني والأستاذ الذي يفتح الأفق للجمال ليسعد من حوله .
إذن،
كيف نعود من جزر الأوتار ونصل إلــــى الشاطئ المقــــابل؟؟؟