كتب:كمال محمود علي اليماني
***************
أهداني المحامي العزيز أمين محمد حيدر شمسان في أحد لقاءاتنا نسخة من كتابة ( لسان عدن) ، وهو معجم لغوي جمع فيه الباحث ما أمكنه جمعه من الكلمات العامية العدنية ، وسعى جاهداً لأن يصل إلى جذورها اللغوية الفصيحة ، واستطاع بكده وجهده ، وبمجهود شخصي ، وبعد 14 عاماً من العمل الدؤوب والمضني من أن يخلص إلى أن مجال العامية واسع وقد تفني أجيال عديدة قبل استقصاء أطرافه ، حد قوله.
يقول الباحث في مقدمة كتابه ( وليس الغرض من هذا المجهود إبراز العامية كبديل للفصحى ، فهذا مالم يخطر لنا على بال، ولكن الهدف الأساس هو التعرف على هذه اللهجة بردها إلى أصولها وتحليل جذورها حتى نستطيع أن نعرف عن أنفسنا أكثر مما نعرفه الآن).
كما يقول في الغلاف الأخير )وعليه فإن الغوص في أغوار كلماتها ليس فيه دعوة لإحياء العامية ، وإنما هو غوصٌ لاستخراج اللؤلؤ المكنون من كلماتها العدنية الأصيلة، ثم صقلها ونظمها لإبراز البيان في حلة الفصحى لغة القرآن ليقول حينئذٍ كل سامع: هذه بضاعتنا رُدت إلينا).
ألكتاب أهداه الباحث إلى أبيه وأمه مع التحية ، وأتبع الإهداء بمقدمة أوجز فيها كيف واتته فكرة البحث عن أصول الكلمات العدنية ، والجهد الذي بذله لتألف هذا الكتاب، ووجه شكره إلى ثلة من الأساتذة رجالاً ونساءً من الذين ساندوه في عمله هذا الذي سماه ( لسان عدن) ، على غرار المعجم الشهير ( لسان العرب) لابن منظور ، والكتاب من إصدار دار الجيل الجديد في صنعاء للعام 2020م، وجاء في أكثر من 800 صفحة من المقاس الكبير، وإن كان الباحث قد وعد بأن الطبعة التالية سوف تتجاوز 1200 صفحة ، باعتبار أنها ستكون طبعة مزيدة.
عرّج الباحث يعد المقدمة إلى مبحث عن تاريخ عدن قبل وبعد الإسلام إلى أن وصل إلى الاحتلال البريطاني، فالاستقلال، فنشوء جمهورية اليمن الجنوبية ثم الديمقراطية الشعبية، فالوحدة وقيام الجمهورية اليمنية. وهو مبحث طويل نسبيا حيث شغل 40 صفحة من صفحات الكتاب.
ولقد لجأ الكاتب إلى ترتيب الكلمات ترتيبا ألفبائياً ، مبدوءةً بالألف ومنتهية بالياء.
وحوى الكتاب بين دفتيه مئات الكلمات العدنية وتوضيحات لها من أمثال: حيرو ، دُفّه ، زبع، صبط ، عفص، فقش، قعموص ، قندل، مرط وغيرها .. وغيرها.
ومن يطالع الكتاب يرى كم الجهد والوقت اللذين بذلهما الباحث للخروج علينا وعلى الأجيال من بعدنا بهذا المعجم الرائد في مجاله ، لاسيما حين يرى كم المصادر والمراجع التي استقى منها مادة كتابه ، فلقد عاد إلى القرآن الكريم وتفاسيره مثل: تفسير البغوي والقرطبي والصنعاني وابن كثيرها وغيرها ، وعاد إلى عدد من المعاجم العربية مثل: معجم الفراهيدي والفارابي والصنعاني والرازي وغيرها، وإلى عدد من الكتب أيضا.
من أجواء المعجم:
* أهطل: أهطل ويتهنطل ومهنطل ( الأهطل) : الرجل المرتخي الجسد ، و( يتهنطل) يمشي متراخياً ، و( المهنطل): المرتخي من كل شيء، يقال ( ملابس مهنطلة) أي واسعة مهلهلة مرتخية ، وفلان كرشه ( مهنطل) أي مرتخٍ.
جاء في لسان العرب في كلمة ( هطل) : وهطل يهطل هطلاناً : مضى لوجهه مشياً ، وناقةٌ هطلى: تمشي رويداً. والهطل من الإبل التي تمشي وريداً ، وهطلت الناقة تهطل هطلاً إذا سارت سيراً ضعيفا.
* ( داح ): الداح الضرب الخفيف باليد على الجسد ، يقال للطفل ( سوف أعمل لك ( بعملك داح) : أي سوف أضربك ، وعند مداعبة الطفل يقال: ( داح داح) ويكون ذلك مقروناً بحركة اليد ، وكأنها تضرب الجسد بلمساتٍ خفيفةٍ حانية ، ويقال في المثل العدني ( الذي يريد الداح لا يقول آح).
جاء في لسان العرب في كلمة ( دحح) : والدحُّ الضرب بالكف منشورةً أي طوائفَ الجسد أصابت، ودح في قفاه يدحُّ دحاً.
الحق أن الكتاب جهد جدير بأن يُحمد ، وأن يثنى عليه ثناءً حسناً ، وأحسب أن توفره في كل بيت من بيوت عدن أمرٌ مفروغٌ منه.