كيف تتيقن من أنك في غرفة العمليات الجراحية ؟؟
عندما يصيبك الهلع من صوت حفيف الأدوات الحادة ، المسجاة على طاولة قريبة بغطاء أزرق ، وهي توشوشك بلهفة :
سأعقد مع جلدك الناعم ، بعض الاتفاقيات المؤلمة .
عندما تتمسك بغطاء رقيق بيديك المرتجفتين ، علّه يقيك من صقيع خوفك ،لكنه يتمرد بلؤم منسلًا من بين أصابعك ، وهو يهمس بدناءة:
حصحص الحق ، الآن سيخترقون جسدك العاري بمقابض من حديد .
تهاب بشدة مزاعمهم الخرقاء ، فتعود إلى أصولك الإنسانية ، مجرد مخلوق ضعيف مذعور .
تبدأ بالدعاء لروحك المرتجفة ، بلهفة التمني بالنجاة ، و بالخير لكل حبيب قريب ، وتعاف نفسك أن تذكر من أضمر لك الشر بسوء ، بل تسامحهم عن طيب خاطر .
في نفس اللحظة ، وقبل أن تُنهي صلاتك مع خالقك ، يفاجئك ظهور الأشباح المكممة ، من خلال الجدران المعتمة الباردة ، محملقين إلى فريسة لاحول لها ولا قوة .
و تكتشف .. أنت هي الفريسة …
يتجاهلون صَريف أسنانك ، فتمضغ خوفك مجبرًا ، حين يطالبونك بالعد الحسابي
واحد .. اثنان .. ثلاثة
لكنك تعترض بشدة ، منحازًا لعمق تعلقك بأبجديتك ، ثم تردد منصاعًا لطلبهم :
ألف .. باء .. تاء
و تغيب ..
و تغيب معك الأوجاع و يتلاشى طيف كل من سبب الألم لك يومًا ، ويرتاح عقلك المرهق من الأفكار والتحليلات الحياتية اليومية المعقدة ، طوال تلك السنون التي مضت من عمرك .
لاتهتم لشيء ، تَنسى وتُنسى .
ثمَّ من جديد
وبغتة..
يعود الإحباط ، ليعلن انتصاره مرة أخرى على راحتك العميقة ، بسماع عبارة فرح مكررة ممن حولك يلتقطها لسانك ليرددها معهم بصوت لايسمعه سواك :
… الحمدلله على السلامة …
( لم أغادر .. ما زلت هنا )