ضرورة الإلزام الخلقي
الإلزام الخلقي مبحث من مباحث الفلسفة، يتناول الباعث المحفز للفرد للإلتزام بالفعل الأخلاقي، ذلك ان لا إلزام يجعلك تقوم بالفعل الأخلاقي اختياريا، أو تلقائيا. كفعل الخير والمساعدة والعدل والمساواة والتواضع والصدف الصدقة والكرم والشجاعة وغيرها، و هذا الإلتزام له أهمية كبيرة في السلوك البشري والتماسك الإنساني، والأمن والنظام والتجانس ومفهوم التعايش، إلا أن أحدا لم يتوصل إلى جعل الإلتزام بالأخلاق سلوكا إنسانيا أصيلا وواجبا.
والأخلاق هي منظومة القيم الإنسانية التي تواضعت عليها المجتمعات البشرية، كنظم سلوكية عليا، تجعل من التجمعات البشرية آمنة ونامية ومتماسكة متكاملة وسعيدة، تنفي مبدئيا أي احتكاك او تصادم فيما بينها، ولقد عرّف الفلاسف القيم بأنها الافعال الجديرة بأن تتبع، اوما يجدر اتباعها.
والقيم هي بما هي قيم، صالحة في كل زمان ومكان، ذلك ان مفهوم العدل والفضيلة والحق والجمال هي مفاهيم انسانية مشتركة، لا يمكن ان تكون ضد إنسان كفرد، مهما كان، او ضد افراد كتجمع انساني أو ضد الإنسانية عامة، وعلى الذين يقولون ان الإسلام صالح لكل زمان ومكان، أن يعرفوا ان القيم التي جاء بها ودعا إليها وأسس لها هي التي تصلح لكل زمان ومكان، وليس تربية اللحية ولبس الخمار وشرب بول البعير.
و القيم الخلقية نشأت بعدما تكونت المجتمعات البشرية الأولى، وراحوا يتصرفون بدافع من غرائزهم كما هي الحيوانات، غير مدركين بأحقية الآخرين بإشباع غرائزهم، إذ راحوا يقتتلون على الطعام والمسكن وحيازة الممتلكات والنساء والأولاد، وهنا لجأوا إلى وضع مفاهيم متفق عليها لضبط اندفاع الغرائز، ووضع القوانين التي تعاقب الذي يتجاوز بتصرفاته حقوق الغير.
والمشكلة في القوانين الخلفية انها بحاجة إلى سلطة تفرضرها على الناس، وبشكل أدق سلطة قادرة على منع كل التجاوزات، أو يتعبير آخير إيقاظ سلطة الضمير، او الأنا الأعلى، على رأي فرويد، وبما ان القيم نابعة من داخل النفس، وليست مفروضة من الخارح، فإن الحضارات استطاعت ان تجد وسائل ثلاثة لغرس القيم في نفوس الناس، كإجراء وقائي قبل وقوع الجرائم والإعتداءات والكذب والسرقة والتزوير والإغتصاب وغيرها، وهذه الوسائل هي:
11 – السلطة الأبوية: أي المستوى التربوي الوعظي: وهو ما يقوم به الآباء والمعلمون والمرشدون ورجال الدين، لتبيان ما هو خير وما هو شر، ومحاولة منع من يتجاوز بأفعاله حقوق غيره، إلا أن السلطة الأبوية هذه ليست صارمة وفعالة لأنها عاطفية، فتمرد الأبناء على ابائهم ومعلميهم مألوف وكثير.
22 _ السلطة المجتمعية: وهي السلطة التي تمارسها العشيرة أو القرية او الطائقة على افرادها فيما يسمى العادة والعرف والتقاليد فتمنع التجاوزات وتعيد الحقوق وتعاقب على الذنوب، ولكننا نجد أيضا من بخرج على سلطة القبيلة او الطائفة ويتمرد على ما اقرته من عادات وقيم وأعراف وقوانين.
33- سلطة الدولة، وهي سلطة اقوى وأوسع حيلة وأعظم قدرة، فلديها شرطة ومحققون وقضاة وقوانين وعقوبات تستطيع ان تنفذ العدل وتقيم الحق، ومع ذلك نجد أن هناك من يستطيع أن ينجو من العقوبة، ولا يطوله الجزاء.
في هذه الحالات جميعها، هناك تصميم على عمل الشر، كامن في النفس، وهناك عقل يدبر للجريمة أو الخطأ، وهنا يأتي مطلب الإلزام الخلقي، إذ كيف كبف بمكننا ان نجعل الإنسان بمتنع ذاتيا عن فعل الشر؟ وعن اقتراف الخطيئة؟ وعن إذاء الغير؟ بل لا يقكر اصلا بالشر، وهذا أكثر ما يتوجب في غياب الحكومات والأنظمة وخاصة في الحروب الأهلية وبعيدا عن مراكز السلطة وفي غياب التعليمات المانعة او المطاطة، أو ما يسمى الثغرات القانونية، فيحصل الفساد الإداري حيث يتصرف الفاسد حسب الأنظمة والقواتين الناقصة وهو يعلم أن ما بفعله خطأ,
غدا المقال التالي اوضح به كيف تقيم العبادات الإلزام الخلقي في النفس