هوية الكورد ودول الجوار / بقلم: جوتيار تمر / كوردستان

لم يعد خافيا على احد بان انكار هوية الكورد هو احد اهم المرتكزات التي تتعامل بها دول الجوار مع الكورد وابناء كوردستان في كل اجزائها، ولم يعد خافياً بان تلك الدول بانظمتها الدكتاتورية تستغل وتوظف كل وسائلها المباحة وغير المباحة من اجل الحاق الاذى بالكورد ليس فقط كسباً لود شعوبها المنصاعة لسياستها فحسب انما تماشياً مع الحقد الموروث لديهم تجاه الشعوب الاخرى التي لاتنتمي اليهم لغة وارضاً وقومية ، وهذا بالذات ما يشير اليه الواقع بدقة ووضوح، حيث ان الشعوب المطبلة لحكامها هي الشعوب نفسها التي تحقد مثل سلاطينها على الاخرين وبنفس الوتيرة ، مما يعني بانها لاتكسب الحقد من سلاطينها، انما الحقد قد نمى معهم وبات متجذرا في عقولهم التي تحجرت جراء انغماسها بدماء الابرياء والظلم والكراهية والانانية والنظرة الفوقية.

تشير اغلب الدلائل والمعطيات الحالية لاسيما بعد قيام الكورد باجراء اول استفتاء حقيقي ومدوي لهم في جنوب كوردستان بان الموروثات والجينات الحقدية لدى الكثير من الشعوبالمتاخمة” فيئات شعبية واسعة ليس كلها ”  للكورد ليست فرضية او مجرد اقاويل واتهامات نطلقها نحن الكورد من ابناء كوردستان، انما هي ثوابت حقيقية يتم التعامل بها معنا سواء من الذين آويناهم حين رفضهم ابناء جلدتهم ودمروا مدنهم وقراهم فلم يجدوا سوانا ليلجأوا اليهم، او ممن يمتعض حقداً لاننا اصبحنا على هذا المستوى من التطور لاسيما الانساني والعمراني معاً، فالبناء لدينا لم يكن فقط عمرانياً انما جاء البناء الانساني ملازماً لقرينه العمراني، بحيث لم نخرق قانوناً دولياً ولم نضطهد القوميات الاخرى داخل كوردستان، وبالعكس تماماً كنا معهم يداً واحداً في البناء والتعايش والمحبة، ومن ينكر ذلك فانه لايأتي الا بباطل، لأن الحقائق تثبت بان الكورد في كوردستان تعايشوا مع الكوردستانيين بشكل ايجابي ومثمر، سواء من الكلد والاشور والاثوريين والتركمان والعرب وغيرهم من القوميات الاخرى ناهيك عن التعايش الديني والذي يثبته ارباب الدين في كوردستان من جميع الاديان، وفضلاً عن كون كوردستان تبنت ايواء النازحين والهاربين من بطش المنظمات الارهابية الخارجية والداخلية معاً فحتى بعد تحرير مدنهم مازالوا يعيشون داخل كوردستان وهذا خير دليل على مدى التعايش الانساني الذي يتبناه الكورد تجاه القوميات والاقوام الاخرى.

ان هذا التطور الملموس في التعامل الانساني والعمراني جلب لكوردستان اعداء كثر من الدول المجاورة التي تقوم انظمتها الحاكمة باستعباد شعوبها وغرس التفرقة بين الفيئات الاجتماعية على اسس الانتماء العرقي من جهة وعلى اسس الانتماء المذهبي الديني من جهة اخرى، وبالتالي فانها باستعبادها لشعوبها بتلك الصورة البدائية ترفض ان ترى بقعة امل قريبة منها قد تثير شعوبها التي هي خارج دائرة الفيئات الحاقدة، وبالتالي قد تطالب بحقوقها المهدورة والمسروقة، وذلك بالضبط ما يؤرق مضاجع السلاطين والملالي والدكتاتوريين من حولنا.

لقد أظهرت التفاعلات مع الاحداث المتعلقة بكوردستان حقائق كثيرة تتعلق بانظمة الحكم والكثير من الفيئات الشعبية، فكما نوهنا سابقاً بمسألة الاستفتاء وكل الاجراءات التي اتبعت ضد الكورد وكوردستان وقتها، لم تتوقف تلك الاجراءات حتى بعد تجميد نتائج الاستفتاء، بل توالت الويلات على الكورد في جميع اجزاء كوردستان ، ففي الجنوب استعملت بغداد القوة العسكرية ضد الكورد كاعادة للتاريخ الدموي الذي فرضه حكام بغداد على الكورد منذ بداية تاسيس ما يسمى بدولة العراق والتي كانت في بداية امرها لاتضم جنوب كوردستان انما فقط ولايتي بغداد والبصرة حتى عام 1925 حيث باعت تركيا ولاية الموصل للعراق مقابل النفط ومن ثم مقابل المال، هذا التاريخ الدموي لم يتوقف الا خلال حقب قصيرة وسرعان ما كانت الدكتاتوريات السلطوية تعود لممارسة اضطهادها وعنفها الدموي ضد الكورد، وما حصل في الاونة الاخيرة من عمليات لما يسمى بالحشد الشعبي الشيعي العراقي الممزوج بالايراني خير دليل على ذلك، وفي غرب كوردستان تمارس السلطات الحاكمة سواء من المعارضة او الحكومة نفس الممارسات اللا اخلاقية واللاانسانية تجاه الكورد فعلى الرغم من ان الكورد هم القوة الاكثر حضوراً في محاربة الارهاب الا ان المجتمع الدولي والحكام كلهم واقفين بنفس الخندق ضدهم متناسين ومتجاهلين حجم الدمار الذي لحق بالكورد جراء دفاعهم عن ارضهم ووقوفهم ضد الامتداد الارهابي لجماعات النصرة الموالية لتركيا وداعش التي تساندها تركيا ايضا ضد الكورد، في حين نجد الحكومة اشبه بما تكون دمية بيد القوى العظمى كروسيا وبعض القوى الاقليمية كايران ، وفي ايران نفسها نجد ابشع الممارسات التي تتخذها دولة الملالي تجاه الكورد فليس فقط هناك كبت لحقوقهم انما تمارس العنف المنظم تجاههم وباستمرار والاعدامات التي تطال الكورد في جميع انحاء شرق كوردستان خير دليل على ذلك ناهيك عن تعمدهم في ممارسة الضغوطات على بغداد الموالية لهم لتقوم الاخيرة بالضغط على جنوب كوردستان وحكومتها بكل الوسائل والاشكال ، اما في شمال كوردستان فالصورة ابلغ من ان نتحدث عنها، حيث ان السلطات التركية لم تنسى شيئاً ممكنا ولا مباحاً او غير مباحاً الا وقد مارسته ضد الكورد فالتهجير الذي هو من اسس الانظمة الدكتاتورية في الاجزاء الاخرى ايضا مازال مستمراً، والقتل مازال مستمراً، وتهميش القومية الاكبر بعد الترك داخل الدولة مازال مستمراً، محاربة اللغة الكوردية ومحاربة اسم كوردستان ، ومحاربة الحقوق الكوردية كل ذلك مازال مستمراً والادلة لاتتوقف عند زج الساسة والقادة الكورد في السجون بتهم ملفقة وباطلة فحسب انما وصل بهم الحقد الى اعلى مستوياته  حيث اصبحوا يمارسون دكتاتوريتهم حتى ضد حريات التعبير فخاطبوا ادارة المواقع الالكترونية بازالة اسم وخارطة كوردستان منها، وبذلك اثبتوا بانهم الاكثر دناءة، والاكثر حقداً ، والاكثر دكتاتورية بدون منازع ومنافس، والغريب ان تلك المواقع ترضخ لها، وكأنها هي الاخرى اداة بشعة بيد الحاقدين على كوردستان محاولين معاً طمس معالم قوم ربما هم الاكبر من بين الاقوام  التي مازالتبلا دولة وكيان مستقل، والاغرب من ذلك ان معظم من  دولهم مبنية على اسس قومية مازالوا يرددون بان الدول لاتبنى على اسس قومية، وكأنهم فوق غبائهم يزيدونها سذاجة وبلاهة بدرجة ان يحللوا لانفسهم ذلك ويحرمونه على الاخرين.

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!