من أجمل صور تكريم وداع لرجل أعطى حياته كلها للفكر والثقافة، أن تتصدر عناوين الصحف عبارة (وداعاً للرجل الذي أحب فرنسا). بالفعل أحب ماكس غالو، الذي غادر عالمنا عن عمر 85 عاماً الثلاثاء الماضي، وسط شعبية جارفة لمشاركته طوال حياته في الحياة الفكرية والسياسية الفرنسية، محافظاً دائماً على استقلاليته الفكرية ومصداقيته.
بالتأكيد، جميعنا في حاجة إلى شخصية مثل غالو الذي انحاز منذ اللحظة الأولى في كتاباته للبسطاء، فأنتج ما يقرب من خمسين رواية ترتبط بقضايا التاريخ الاجتماعي لشرائح المجتمع الباحثة عن مصيرها، وعنهم كان يقول: شخصياتي تقاتل دائماً حتى لو كانوا بلا أمل في حياة أفضل، أو أوهام حب تظللهم، فهم يحاربون لسبب أهم وهو الكرامة.
لا يشكل غياب شخص مثل غالو مجرد فقدان لكاتب باع الملايين من الكتب على مدى نصف قرن. بقدر ما يجسد حاجتنا الإنسانية لمثقفين يتمتعون بقوة فكرية استثنائية، تمكننا من معرفة أنفسنا في زمن نفقد فيه ملامحنا في بعض الأحيان، ولا يعيدنا إلى حقيقتنا سوى رؤية صادقة من مبدع حقيقي يحب بلاده.