يكفي أن ترى و تشهد العودة الرائعة للفنانة الكبيرة السيدة عزيزة جلال ، لتعرف أي جحيم عاشه في السابق هذا العالم العربي ، لتعرف أي حزن سكن جدران البيوت وأي القيم سادت بعده ، لتعرف كم من النساء أختفين خلف الجدران يبتلعهن الصمت ، وهن يبتلعن قدرات وميزات ومواهب كانت لتشكل الفرق .. هذا العالم العربي المهووس بوأد النساء الجميلات الثريات بأرواحهن ، دفع الثمن غاليا من ارواح واجساد ابناءه الحزانى و المكتئبين و المتواكلين أحيانا ، وأخرى بأبناء يغدون عطشهم وفقرهم العاطفي ، بجمع المال العقيم ، و ترقيع الحياة بكماليات و متع لاتمل ولاتشبع . تلك لعنة وسداد دين لكل انثى انزوت خلف الجدران راضية بدور الخادمة لأجل الأبناء وهي تقتل في نفسها روحا عظيمة ببصمة الحب ، ووهج العطاء ، الذي لا يمكن مساومته ولا بكل أموال العالم .
ياوطني نحن النساء في داخل كل واحدة فينا أم محبة ، وكل واحدة منا هي عزيزة ، عزيزة بملكاتها ، عزيزة بكيانها الحر ، عزيزة بقدرتها على العطاء و بغنى روحها كل نساء هذا البلد هي ابنة جلال ورفعة هي اميرة وهي حصينة وإن استسلمت لثقافة الوأد و رضيت بفكر توثين الجسد ، لأن الجسد الذي يقبع خلف الجدران بعيدا عن روحه ، هو جسد ميت ، ماذا ستنجب لنا أمرأة ميتة روحها ، غير الموت.. لهذا كانت امتنا امة اموات يتنقلون عبر الشوارع بسياراتهم يقتنون الخبز ويعودون الى مخابئهم ، وإذا ما ألم الجوع أو القحط ثار الأموات على الأموات وقتلوا بعضهم …
يكفي أن ترى بروح نقية وفكر لم يختلط بدم النساء ونزيف العذارى ، لتعرف الحقيقة ، لترى الجرح ، ولتعرف حجم الخسارة وعمق البؤس، لتعرف أي جحيم نحن ، وأي ثروة ضيعنا كانت بأيد الحرائر ملكات البيوت ، نحن أمة نساؤها أقوى من رجالها ، صمودهن وصبرهن وصمتهن دليل شموخ وعزة نفس .
يكفي ان ترى عزيزة جلال لتعرف ماذا كان لنا
وماذا ضاع منا . أمثل هذا الحب العظيم يقتل ! ؟
أمثل هذا الصدى يختفي !؟
كيف إذن سيرى الناس بعضهم البعض إن لم يكن بهذا النور !؟
نورك سيدتي عزيزة جلال ،
ونور السيدات من طينتك ، أميرات من الشمس
حارسات على الأفئدة من عتمة الحياة.