في العمارة التي أسكن فيها (أسانسير) مثل غالبية العمارات الحديثة في عمّان ..وللحقّ أن (أسانسيرنا) (يطلّع و ينزّل ) مثل بقيّة الأسانسيرات أيضاً ..ولأنني طوال حياتي مُبتلى بمراقبة النازل و الطالع ؛ فقد أُبتليتُ بهذا الأسانسير الذي حوّلني إلى شخص كثير الدعاء ..! أمّا كيف ؟ فسأقصّ عليكم الحكاية :-
هذا الأسانسير يشبه شيئاً ما في وطني ..صحيح ينزّل و يطلّع ..و يرفع ناساً و ينزّل ناساً ؛ لكنه كثير ( الحَرَد) ..يا الله ما أكثر زعلاته ..ولازم ولا بدّ أن تكون (ستاند باي) له في كل لحظة ..لأنه وأنت في عزّ حاجتك له يخذلك و يتعطّل ..وتبقى في حالة دعاء مستمرة أن يرجع الأسانسير (ينزّل و يطلّع ) مثل شيء ما في وطني..!
مرّة تعطّل لأكثر من شهرين أو ثلاثة وعطّل حياتي معه ..وهذه أكثر مدّة زمنية يتعطّل فيها ..ليست المشكلة في النزول ..فالأسانسير كالأوطان ؛ لست بحاجة إليها وقت النزول على الغالب ..ولكنك بحاجتها وأنت تطلع ..وأنت ترتفع ..وأنت تحمل أشياءك التي بيديك وعلى رأسك و بداخلك ..فإن صعدت ..تصعد وأنت تلهث ..وإن وصلتَ إلى شقتك في الطابق الرابع فإنك تكون بحالة أقرب إلى ( الشريطة ) التي لا قوّة ولا (مروّة) فيها ..و تحتاج إلى إغماءة كي تستعيد وعيك و تعود رويداً رويداً إلى عالم الأحياء بكامل زهوك ..!
سأبقى ألهث ..وأبقى أتحسّب لأي أكياس أحملها وأنا عائد للبيت ..و سيبقى الأسانسير ينزّل و يطلّع بمزاجه وكأنه يشبه شيئاً ما في وطني..وحين لا يريد لي أن (أطلع) فإنه سيحرد و يعطيني درساً قاسياً في الرياضة الإجبارية ..