دفنتُ أبي ليلًا في المقبرة وعدتُ على أصابع يدي،
تسللتُ خلسة إلى منزلنا،
هكذا لئلا أبهر أحد بهذه القسوة اللئيمة…
وصلتُ البيت والجميع نائمون،
أمي تسند الجدار،
أخي الأكبر متصلّب أمام دولاب أبي،
أختي الصغرى نهاية الفراش حيث كان أبي يمد رجليه،
وأنا… وأنا رأيتني أجرّب جاكت أبي ريثما يجيء الصباح لأصدِّق.
ظللتُ طوال الليل أشاهد قبره وهو يضيء من بعيد…
غفوتُ قبيل الشروق،
حلمتُ أنَّ أبي أهداني مسدس،
وقال: بداخله آخر طلقة، أرجو أن تفتح بها عينًا ثالثة في جبينك لترى الحياة بوضوح…!
أيقظتني أمي عند أول صباح بدون أبي،
حينئذ كانت جمجمتها تسيل من عينيها..
ناولتني وعائين،
أحدهما ماء والآخر حبوب القمح،
لأضعهما على القبر طعامًا للطيور…
حين وصلت المكان الذي دفنتُ أبي فيه،
لم أجد المقبرة أساسًا!.
آه يا أبي،
كنتَ الدواء لكل شيء،
حتى الأرض أخفت ندوبها عن انفلاق الفاجعة،
تمامًا مثلما أخفيتَ مرضك عن حاجة الجسد لقيمة العلاج.