آهٍ يا أوجيني
طويلةٌ مسافاتُ قلبي
والطريقُ الى قصرِ الجزيرة مُقْفَلة
يَتلصصُ العطرُ قبل اللقاء بشغفِ الساعاتِ المُنْهَكة
والبنفسجُ الحزينُ يشكو الجدبَ والصقيع
أسيرُ على استحياءٍ وخلفي مدنٌ تئنُ تحتَ وطأةِ الفرح
الطريقُ إلى النيلِ كأنها الأجنحة
نوافذُ النيلِ تجتاحُ دمي
ويداكِ الارستقراطيتان تَسيلانِ في يدي
سحاباتُ الكرزِ بين مدٍ وجزر
في قلبي متسعٌ أكثر
والحمامُ بين أصابعي يَمُوجُ ويَكْبُر
الهديلُ ناي
والكمانُ حلمٌ مُسافر
والبيانو الغامضُ (الغراند) يحتلُ مساحات العزفِ الملكي
مقطوعةٌ واحدة وتذوبُ الطُرقات
سأعزفها وحدي
وليسمع العودُ ما خَفِيَ من عذابات الطَرْق الثُلاثي
آهٍ يا أوجيني
فخامةُ الاسمِ تكفي لنحبَ امرأة
أجل أحببتكِ
يا سليلة المجدِ و السمو
الأن الأن أيَتُها المُعظّمة
مصرُ التي لا تسألُ زوارها
سَتَبُوحُ بكُلِ الأسئلة
الليلُ مفتوحٌ على كلِ الإجابات
وبين الأحمر والمتوسط ضجيجٌ من الضحكاتِ الطِّوال
الأحمرُ جزيرة
والمتوسطُ جزيرة
وقلبي جسرٌ بين الياسمينِ والشُرْيان
آهٍ يا أوجيني
شارفَ قلبي على الرشفةِ الأخيرة
وذهني مُتّقِدٌ في الجهاتِ الاربعة
خَدُكِ ساحرٌ أخّآذ
كلمعانِ الفضةِ الايطالية والأبنوس
بريقُ الكأسِ ضجيجٌ مُتَصَاعد
والشعرُ الاشقر حصان
دير القلبِ المقدس يختالُ في عيني
وقصرُ التويلري( Tuileries Palace ) فضاءٌ مُمتد
ما كُلُ هذا الضجيج ؟
ما كُلُ هذا الضجيج ؟
أوجيني تفتحُ كُلَ نوافذِ القاهرة
وعِطرُها يُشْعلُ النزوات والحروب القادمة
فتاةُ غرناطة تُجيدُ العزف
وفستانها يحترفُ التمايلَ والإيقاعَ والنزف
وقلبي يحترفُ عذابات الأندلس
آهٍ يا أوجيني
يا امرأة يَفِرُ إليها الكَنار
يا سيدةَ العَشاءِ الأخير
يا امرأةً من نُورٍ ونار
قلتِ: “لم أرَ في حياتي أجمل ولا أروع من هذا الحفل الشرقي العظيم”
قلتُ: “عيني على الأقل ستظلُ بكِ مُعجبة………. وإلى الأبد”
…………………………………………………………………..
توضيحات: قامت الاميرة أوجيني الغرناطية الاصل و المتزوجة من لويس نابليون امبراطور فرنسا بزيارة الى مصر عام 1869م لحضور حفل افتتاح قناة السويس واحضرت معها بيانو فخم كهدية للخديوي اسماعيل وقد كانت حفاوة الاستقبال كقصص الف ليلة وليلة فالخديوي اسماعيل كان مغرما بها فبنى لها قصرا في جزيرة الزمالك يشابه قصر التويلري في فرنسا ولعلمه انها تحب ازهار الكرز فقد زرع اشجاره خلف نافذتها .
كان يوم الافتتاح ضخما ومنظما فقالت اوجيني “لم أرَ في حياتي أجمل ولا أروع من هذا الحفل الشرقي العظيم” .اما الخديوي اسماعيل فقد اهداها قطعة كبيرة من الحجر الكريم مكتوب عليه بالفرنسية “عيني على الأقل ستظلُ بكِ مُعجبة………. وإلى الأبد”.
وبعد عودتها الى فرنسا حاصرتها المشكلات السياسية وتم القضاء على حكم زوجها فعادت الى اسبانيا لتعيش حياة بائسة ورغم ذلك فإنها كانت تزور مصر متنكرة وتقف قبالة قصر الجزيرة تستذكر تلك الايام وكانت تزور ارامل الخديوي الذي لم يكن افضل حالا من معشوقته الحسناء فقد عزله السلطان العثماني وعاش في المنفى الى اخر ايامه
دير القلب المقدس هو المكان الذي تربت فيه أوجيني في فرنسا وكان ارستقراطيا بامتياز