إفلاس /بقلم:عبدالقادر رالة

  من الوقائع التي أثرت في، ولا تزال عالقة بذهني، وقد كنت شاهداً عليها…

  ذلك الرجل الذّي أفلس فجأة ، وتكبد خسائر كبيرة  …لمحته ُجالساُ عند عتبة الباب و الأمطار تنزلُ بغزارة  ،كان ذاهلاً ، لا يأبه بالمطر ولا  بملابسه التي تبللتْ بالكامل. وما لبثتْ أن جاءت زّوجته ،وفتحتْ المطرية فوق رأسه ،  وقد كان واضعاً  يديه فوق رقبته مطأطأ  الرأس ،  حزين ،مغموم يُفكر في المستقبل الغامض!..

  استمرتْ الزّوجة واقفة لمدّة طويلة تحمل المطرية …

  زّوجة وفية ورائعة ، رغم الأقاويل التي كان يُروجها العمال في الشركة أو في المقاهي ، وأنا منهم فليسامحني الله … كانتْ تصلها تلك الأقاويل التي كانت تشيع هنا وهناك ، بأن زوجها كان على علاقة حميمة قوّية بسكرتيرته سارة ، وأن اليوم الذّي سيُعلن فيه موعد الزّواج قريب جدا! 

 وكلنا كنا ننتظر ذلك اليوم الذّي سيهزُّ الشركة .. 

  تطلعتُ إلى الطابق الثالث  ، السكرتيرة سارة تنظرُ من خلال الزجاج إلى المدير وزوجته تحت زخات المطر القوية ؛ ملامحها تعكس الكآبة ، الفزع والشفقة!..

   السكرتيرة سارة ما هي إلا أختُ  يسرا حبيبة المدير السابقة ، عشقها لما كان شاباً يمتلئ قلبه بالحب والطموح  ، لكنه في الطريق تعرفَ على زوجته الحالية الواقفة تحت المطر ، وتزّوجت يسرا ولأنها امرأة ما نسيتْ حبها الأول ، وامتلأ قلبها فجأة غيرة وحقداً ،فاستخدمت أختها سارة ، وتدّبرت لها العمل عند حبيبها الأول على شرط واحد أن تتقرب من المدير وتدمرّ بيته!

 لكن صورة وقوف الزوجة صامتة تحت المطر الغزير أعطتها انطباعاً أن البيت مُتماسكْ ومن المتعذّر تدميره!…

  

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!