أنا قاسم بين الفرح والحزن، كالموج الذي يتلاطم وينتشر على شاطئ الحياة. أمواجي تتراقص بين قمم السعادة وأنين الألم، كأشجار السنديان التي تفوح منها عبير الحياة وتلون بأوراقها الذهبية أفق الوجود.
أحيانًا، أكون مثل الطير الحر الذي يحلق في أعالي السماء، يتسلق قمم الجبال ويستشعر حرية البعد. أما في أوقات أخرى، فأشبه الغصن الهزيل المثقل بالهموم والمتعب من وزر الحياة، تجتاحني العواصف وتكسر أحلامي إلى قطع صغيرة. كبركان نائم، تتجمد في جوفي الأحزان وتنفجر في لحظات من الضعف فتنتزع مني جذور الأمل وتتركني في عتمة اليأس.
أنا طائر الليل الذي يرقص في ظلام الأشواك، أغني بألمي وأترنح على أوتار الأحزان. يتسلل الحزن إلى قلبي كسرقة الظلام في الليل، ويتغلغل في كل خلية من أعضاء جسدي مثل السموم التي تعتري الجسد. أتراها الحياة تعبث بأوتاري كعازف يائس يسحب أصابعه من على الأوتار، ويفاجئني الألم كعقرب يتسلل إلى لحظات سعادتي ويجعلها زهرة مشوهة بألوان البؤس.
أنا شجرة واقفة بكبريائها في وجه الرياح العاتية، أغصاني تتعرج بكل همسة من الزمان، وريشتي تتلألأ بألوان الفرح حتى وسط الجفاف. ثابت مثل صخرة في وسط البحر العاصف، أتحمل ضغوط الحياة وألامها العديدة. تبدو أفكاري متلاشية مثل الغيوم المتناثرة في أفق السماء، ولكن رغم ذلك، يكمن دفء الأمل في صميمي.
أنا قاسم بين المرارة والحلاوة، الظلام والنور، اليأس والأمل، ففي كل تجربة أشعر بأنني كوكب يدور حول النفس، وكأنني واحة تتيح للجفاف الانتصار والزهور الابتسام. في مسيرتي المليئة بالتناقضات، أجد نفسي، أكتشف قوتي وأتعلم من الصعود والسقوط. فالحياة قصة حب وكراهية بيننا وبين أنفسنا، ونحن قاسمون لتلك القصة الأبدية.