لصحيفة آفاق حرة:
ضباب..
(خاطرة)
نجيب كيَّالي
كما تتجدَّد خيوط الشمس كلَّ صباح
تتجدد أحزانُ الناس على ضفاف قلوبهم!
يتجدد الضجر الذي يسكب نفسَهُ في فناجين قهوتهم!
تتجدد مخاوفُهم في عصر وحشي اسمه: عصرُ العولمة والتطاحن.
تتجدد نداءاتُ بائع الكعك في المدن الفقيرة، والربيعُ يأتي مرتدياً عباءة الخريف!
تُجدِّد الحربُ نفسَها مرةً في سوريا، مرةً في اليمن، مرةً في ليبيا، مرةً في أوكرانيا!
الذئاب تحاول اقتسامَ الغنائم من جديد، تزمجر، وتزمجر، وبات لها أنيابٌ نووية تتعمَّد أن تبتسم لتكشف عن أطوالها!
مع خيوط الشمس يجدد النهر سيرَهُ الوئيد كعجوز، والغضنُ الأخضر الذي أصابه الديسك فجأة لا يقوى على رفعِ ظهره!
تحت نافذةٍ في أوربا تمرُّ في الشارع امرأةٌ في الثمانين تسحب بيدٍ كلبَها، وباليد الأخرى وَحدتَها.
أنادي وجه حبيبتي
أنادي رفيفَ ابتسامة
أنادي وردةً جورية من بلدي إدلب
أنادي حمامةً كانت تقف على حافة السطح في بيتنا القديم، وتمنحني الأمانَ والسعادة
أنادي الملائكةَ الكرام، والبراءةَ المهاجرة، والشالَ الملوَّن الذي تضعه الفراشة على ظهرها، أبي، أمي، جدَّتي الطيّبة، لكنَّ أحداً لا يجيب!
مع خيوط الشمس يجدد الضبابُ نفسَهُ
والعُقْمُ نفسَهُ
والبرودةُ نفسَها
تفتخر المقابر بزيادة حجمها، ويبتسم الفناءُ في أقصى الأفق
وتعود الأسئلة الكبيرة على ظهر حصان:
لماذا جئنا؟
لماذا سنذهب؟
مَنْ الذي شوَّه جمالَ اللوحة؟
*
٢٠٢٢/٤/٢٦