كبوة حُب) / بقلم : رجاء نور الدين (سورية)

وتحيرني ياصديقي بين هلاكين في زمنك الهزيل الذي هو زمني…
لماذا ينقرض الحب وتكثر الكراهية؟! مؤلم سؤالك في وقت كثر فيه الموت والمرض والهجر وتبقى أسئلتي مفجعة بكل تفاصيلها ،اختصر جوابي قبل أن يصل إلى حنجرتي وتبقى علامات الاستفهام على وجهك ،كمشانق تنتظر الرقاب، ولأننا لا نملك لهفة السؤال ومتعه الجواب نحملها إلى الينابيع ونلقيها في الأنهر المحرمة علينا ،ولأننا نؤمن أن الحب يطهر القلب والوجدان ، نستعجل الجياد بصهيلها ،نتذكر الفارس الذي سقط عنها بعد ان علق بمشنقته وضاحكا دفع ثمن ذلك الحب وقال هو سقوط وبعده بضع درجات توصل إلى الأقمار.
هو شجاعة وفن اعتدنا الخوف …والخوف علّم الناس الحذر ليبقوا في أمان ..علمهم التراجع لأنهم بذلك يبتعدون عن الموت …والموت حباً بركوب الجياد بما تملك من وفاء وصهيل حيث تصغر كلماتي وتضيق أبجديتي في وصف جمالها ،أجل وماذا يضيرنا إن متنا سقوطا من على ظهر الجياد..هو الإعلان أننا متنا حباً ولكن بشرف ،سقطنا من فوق ظهر الجياد ،نسمع خببها ونرقص مع رقصها ونتعلم وفاءها ،ونحزن كحزنها ، فننتهي كما تنتهي وتكون أحزاننا سقوطاً حراً معلنين أننا لم نعد نحتمل ألم الحب ،نرمي بأنفسنا كالجياد الأصيلة لأننا لفظنا الخيانة وآثرنا الموت انتحارا بشرف ،حسب تاريخ الأصالة في قواميس الجياد.
بالأصالة نحيي تاريخنا ..نكتبه…نرسمه…وننادي به في الليالي السوداء الصامتة ،نحمل أرواحنا ودماءنا ونجعل صهيلها ناقوسا نكتسب منه مناعة الخذلان ،مناعة ضد الجراثيم والتلوث من زمن مضى متقهقرا إلى العدم ،فلابد من شموخ يخلدنا ،يكون وسمة صهيل خيل ضاق به اليأس، ويمضي إلى المحبة مبتعدا عن وطأة الانكسار ،يعشق الوطن والبحر والهواء الطلق.
متخمة أنا بالحب ياصديقي وكم أخاف السفر في داخلك، حيث تغيب الأصوات ولايبقى إلا الأغاني والشعر المغزول بأحاسيس أعرف ماهيتها ،أحاسيس تخترق العيون إلى القلب وتفجره وتؤكد أننا كجياد كازانتزاكي التي ترفل بالحزن فوق قبور فرسانها ،ترثيها بصهيلها كما لو كان صوت محب قتله الوجد والشوق لتلك الروح .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!