إحفظ عني هذا الهراء فإني لا أضمن نفسي هل أبقى إلى الغد
أم إن التشويش الكبير والإحباط الممنهج سيسيطر عليّ
أشعر كأني كويكب صغير تائه في درب التبانة.
هزل وهراء ورب الكعبة،
لذلك إسمع عني هذا التخبط
لأن الحياة لن تقف على باب أحد ستستمر ولو كلفها ذلك فناء البشرية كلها.
اليوم عرفت معنى كلمة هائم التي تكثر أنت من ترديدها دائماً يا عزيزي
اليوم عرفت أن الهيام لها أكثر من ألف معنى .
اليوم عرفت أنني هائم بعد أن استرددت عقلي وجمعت ما بقي لي من وعي وإدراك وأنا امشي في شارع التسعين في المنصورة تحديداً في الساعة العاشرة والنصف مساء.
لا ادري ما الذي جاء بي إلى هناك.
امشي كالمجانين ، انضر الى اطراف أصابعي فأراها مقطعة
اخطلاط أفكار، واقع مرير، بوح قاسي، شعور غريب، عقل مشوش، قلب محطم،
من أنا ؟
ماذا أفعل هنا ؟
ما الذي أتى بي؟
أين هذا المكان ؟
لملمت شملي وصحوت من تلك الدوامة، واستعذت من الشيطان الرجيم ، أخرجت باكت الدخان الذي كان في جيبي أشعلت منه واحده نفختها في الهواء، تنفست الصعداء
وعدت مهرولاً الى سكني وفراشي.
وصلت إلى فراشي جلست فيه مسرعاً وكأني مشتاق إليه، إحتضنت وسادتي، تدثرت بلحافي، وقضيت برهةً أفكر ، ما هذا الإرهاق، ما هذه الأيام السوداء.
وبسبب طول التفكير الشديد استطاعت ذاكرتي أن تحفظ حواراً دار بين قلبي وعقلي
بعدما كنت أسأل نفسي،
ماذا يحصل معي؟
ولماذا كل هذا التشتيت؟
وفجأة أسمع صوت يصدر من داخلي!
ماذا بك ايه المعتوه ؟
سأجيبك على سؤالك: أنت عبد لعين نسي مولاه وخرج عن طاعته ولزم اللهو والمجون
أجبت: ماذا قلت ؟
ومن أنت أيها الوضيع حتى تنعتني بالعبد؟
قال:أنا القلب. أنا الذي أقودك في معضلاتك كلها، أنا الذي قدتك إلا هنا، أنا الذي جعلتك تتجرع الويلات، وتذوق العلقم .
وفجأة جاء شيخ طاعن في السن، أحدب الضهر، قصير القامة، هزيل البنية، قبيح الصورة، كريه المنظر، ترتعش ساقاه ويسيل اللعاب من فمه وكأنه قد عمّر ألف عام
وقال بصوت خافت ومتقطع يا قلب رفقاً بهذا الجسد العليل، فقد أنهكته وارهقته.
قلت له من أنت يا شيخ ؟
قال أنا عقلك يا فقير الحظ.
أنا عقلك الذي أهملتني وتركت قلبك يسرح ويمرح ويقودنا كلنا كما يشاء ويوقعنا في المآزق والأزمات.
ولولا رأفتي بك اليوم وتدخلي لتركته يعبث بك كما يشاء.
فإني والله قد رأيته يجرنا كلنا إلى الهاوية.
قاطعنا القلب بقولة: إخرس يا عجوز النحس. لا تفلح إلا بتقديم النصائح ووعظ الناس، ونشر الفوضى والفتن ،
القيادة لي، وأنا المسؤول الوحيد هنا وقد كلفني بها الجسد،
رد العقل بتهكم وازدراء:اتقاطعني بهذا أيها القميء
إني لا املك فيك حولاً ولا قوة ولكن ما عساي أن أقول فيك إلا قلل الله في أيامك، وقطع شريانك، ومزق كيانك.ولا أدام حكمك وسلطانك، وأبدلني مكانك.
لأنك اكثرت من الخراب
وما لقينا منك إلا الهواء والعذاب
يا عديم الأنساب
يا ريشةً في صدر غراب.
زمجر القلب وقد فار كالتنور، وضخ الدم بغزارةٍ حتى فاض إلى خارج الجسد وقال : ألمثلي يقال هذا؟
ورب هذا الجسد العليل
والليل الطويل
وسورة الفاتحة والفيل
لولا خوفي من الله لقطعت عنك الأبهر وجعلتك مع عداد المجانين تهيم وتمشي في الأسواق.
قاطعهم الجسد فجأة وقال اذهبوا إلى النوم قبحكم الله الآن الساعة الثالثة والنصف.
دعوني وشأني وغداً سيكون لنا اجتماع بمثل هذا الوقت ونحكم بعدها لمن نسلم القيادة