تائهٌ في خزانةِ العالم/بقلم: بشار بن عبده المحرابي.

 

من يشتري ظلّي المبتور؟
ذاك الذي نسيته الشمس عند باب الأمم،
مُعلّقًا ككلمةٍ تُخفي فضيحةَ التاريخ،
يرتجف كرايةٍ في يدِ مهزوم،
ويحلم أن يعود جلدًا فوق عظامي.

قد أبيع وجهي،
فالمرآةُ تشبه العدوّ إذا أطالت النظر،
وقد أُجّر صمتي،
فالعويل أوشك أن يصبح مادةً دراسية.
وفي قلبي خرائط لا يعترف بها العالم،
كل شريانٍ فيه يصرخ بحدودٍ لم تُرسم بعد،
وبمرافئَ لم تلدها البحار.

ثيابي تئنُّ من فرط الوقار الكاذب،
وحقائبي تترنّح في مطاراتٍ بلا رحلات،
كل شيءٍ جاهزٌ للعرض:
أحلامٌ مرفوضة من الجمارك،
ضحكاتٌ بلا ضمان،
وأغنيةٌ لم تُكمل بيتها الأخير.

أعلّق انتظاري على مشجبِ الليل،
وأغسل تعبي بكحل العتمة،
في داخلي نايٌ لا يُجيد العزف،
لكنّه يئنّ كلما مرّت عليه ذاكرةٌ قديمة.

وحدها قدماي تعلمان الطريق،
لكنّ الطريق مُمَزّق،
كشاشةِ أخبار لا تُجيد إلّا الحروب.

في داخلي نزفٌ رسمي،
وعلى كتفي ينام وزيرٌ سابق،
يهمس: “اصبر… فالخراب قيد التعديل!”
وفي جيبي تصريحُ عبورٍ منتهي،
مكتوبٌ عليه: “لا تنظر خلفك كثيرًا، فالوطن يُراقبك!”

كل الطرقاتِ تؤدّي إلى قاعة انتظار،
كل البلادِ مشغولةٌ بنشرِ الحنين
وتفصيلِه على مقاساتِ الخذلان.

كل شيءٍ مشوّهٌ إلا الفقر،
جميلٌ هو… كما خلقته النكبات،
أنحفُ من رغيفٍ في يد طفلٍ لا يعرف اسم رئيسه،
وأصدقُ من نشرة أخبار تُبثّ بصوتِ شهيد.

أنا تائهٌ، نعم…
لكنني لم أسقط بعد،
أقفُ مائلًا كلوحةٍ بلا جدار،
وأصرخُ بأحرفٍ لا تُترجم:
“خذوا خرائطكم، واتركوا لنا ما تبقّى من الحنين!”

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!