تخلع السماء إزارها
لحظات فقط
تباغتني من علٍ.
تسكب ترياق شفتيها فوق جثتي المتعبة .
تتراقص من أثوابها قطرات وقطرات .
يختفي في محجريها الوقت
ويغيب الزمان ناحباً ، إنه الفراق .
ياإلهي إنها تنهال بالماء .
لقد دخلنا فصل الشتاء إذاً.
هيا ياعلي قم وأوقد النار يابني .
ضوضاء وصريرٌ
تخر له النافذةُ صريعة
ينسل من بين درفتيها شيطانٌ خانس
يضع قدميه أمام ناصيتي
وبكل وقاحة .
إنه لا يحترم موقعي الرفيع بين الجماهير .
أقول في نفسي .
ياله من وقح .
يراودني بهمسات
توقدون النار ياهذا .
ألا تكفي كل تلك النيران المشتعلة بأرواحكم النتنة .
يقفز ثانية بحركة بهلوانية تسابق الفناء معلنةً عن آخر رمق في ذبذات الصوت .
لقد تلاشى صوت خرير الماء
وحل موسم الجفاف سريعاً.
يسألني
قل لي ياهذا .
ممن أنت .
إنه يحاول إنتزاع آخر إعترافٍ لي .
سيكتب الشيطان على صفحته بالفيسبوك جميع إعترافاتي .
أجزم أنه سيكتب ذلك .
أجيبه في عتمة القهر
أنا ذلك البدوي من أمية
جئت لأنسج للتاريخ وشاحاً
لأغزل من كلماتي قصائدَ العشاق .
جئتك من كتف الشام .
من هناك
من جوار واديها اليابس .
يقاطعني اللعين .
أأنت من أذرعات إذاً .
قحطاني أم مضري .
أيها العابث على مسرح التاريخ .
أيها الثائر على نظامي العالمي الجديد .
أزفر بكلمات التائه بين خيام الضائعين
أنا المخدوع بماوعدتني به ياعزازيل .
أنا السائر في سراب الأمم
والمشبع بشعارات حقوق الآدميين
والأسير بين أنياب النخاسين .
هناك حيث أسواق النفط والغاز ولحوم الضحايا من بني جنسي .
أنا المفتون بكذب عدالتكم ياسيدي .
أنا الخارج للتو من أرض العطر والزارين .
أنا إبن تلك المعادلاته الرياضية والتي تنتهي دائماً ،، دائماً بالصفر على يسار أرقامكم المقدسة .
هل عرفتني .
يجيبني المارق من رحمة ربه .
أنت سوريٌ إذاً .
لكن قل لي هل مررت بدير تقلا .
ألم ترى ذلك المصلوب عقاباً على تمرده على أوامري أيها الأحمق.
..
خسئت أيها اللعين
إنه ذاهب إلى ربه وسيعود يوماً
بل أنا هو ذلك المسيح ذاته في هذا الزمن .
المتمرد على قوانينكم الظالمة .
المسيح لم يمت أيها اللعين .
الفكرة لاتموت .
أنا ذلك اليتيم في تلك الصحراء الموحشة .
قادم على ظهر راحلتي لأهدم الصنم .
وأنير للبشرية طريق الخلاص من جديد
وأعيد تذكير البشرية من جديد مانسيته من قيم .
سأعلمهم الرياضيات والحب والفيزياء والوضوء كذلك .
سأشعل في مخيم الأرقم بن الأرقم شمعةً في ظلامك وأُصَلي .
إن معركتي لم تنتهي بعد .
لن تستطيع تغييب عقلي ثانيةً
لقد إنجلت إثنا عشر عاماً قد عبدناكَ فيها .
مؤمنين بزيفك
معتقدين بصدق ماتقول .
من حرية ومساواة وعدالة .
وما إن إستفقنا حتى رأيناك تقايض شعاراتك
بمالدى الآخرين من ترسانات أسلحة الدمار الشامل .
لم تكن حياتنا سوى جسراً لإتمام الصفقة بينكما
نحن نعلنها أمامك .
لم نعد نصدقك .
سنعود بالطور والتين .
سنعود يوماً لنروي حكايتنا في أرض المتعبين .
سنفضحك .
هاهو يختلج
إنه يتخبط
لقد إستطعت إستفزازه
إن عينه الطافية كالزبيبة بدأت تخرج قيحاً .
هاهو يغير على صدري ثانيةً.
لقد قام بتعمير المدفعية ليقصف بها جبهتي .
هاهو يتكلم .
أنا من أسكنكم بالخيام وأطعمكم الرز والزيت وأمن لكم حافلات الخروج لتنعموا بالهدوء .
أنا من سيكتب دستوركم يوماً
لقد تم كل ذلك برعايتي ومباركتي
أكمل أيها اللعين أكمل .
أنت من صنع كل هذه الفوضى لتغرقنا في البحار
وأنت من ساهم في إقتلاع الزيتون والتين من أرضه الأصلية لتسكنه فيما بين أفخاذ الظلام على فتات الآخرين.
أنت من أشرف على رحلة هجرتنا
مع عدم نسيان تقديم العرفان والشكر لك طبعاً
ومعروفك بأنك نقلتنا بباصات مكيفة إلى أطراف الأرض بكل تأكيد .
كان بإمكانك أيها الشقي أن تقتلع أحد حيوانات مزرعتنا المفترسة
بدل أن تقتلع شعباً من أرضه .
تباً لك .
ما أوقحك .
لكن قل لي .
هل لحومنا لذيذة لهذا الحد حتى تلتهم مليوناً من أبناء الشمس .
وتغوي الملايين من طيور السنونو المهاجرة .
وتفتح جبهةً على أمعاء خاوية ممن بقي فيها .
…
يتبول اللعين حيث أجلسته في حجرتي .
ياله من سافل .
إنه يهددني .
يقول لي .
إن وصولك لهذا الكم من المعلومات لايبشر بخير .
يجب أن نقتلك .
ليس بالضرورة
أن نقتل المحاربين بأسلحتهم فقط .
بل علينا ألا ننسى أولئك المتذرعين لباس الحرب بعقولهم .
فهم أخطر علينا .
سنحاصرك.
سنطلب من كافة المنظمات التي أوجدناها بمنعك من العمل .
وأعلن الحرب عليك إفتراضياً أولاً .
سنلاحقك بما إبتكرناه من أدوات وتهم .
لن ندعك تفسد علينا نظامنا الجميل .
إننا نراقب كل شيء .
سنجردكم أولاً مماعلق بكم من أفكار الصحراء .
سنجعلكم ذكوراً وإناثاً جميعكم جنس واحد .
سآمركم بذلك .
سأجعله دستوراً لأحفاد عدوي الأول
الذي أذاقني ناراً مازالت تشتعل في صدري
لقد كان سبباً في طردي من أسواق الرحمة .
إنه صراعٌ أبدي بين الماء والنار .
تعود النافذة للتأرجح .
هبات من النسيم المحمل برائحة الأوزون .
الماء أصلنا .
ينهال من السماوات في هذه اللحظات
فيلجأ ذلك الجنس الناري إلى التلاشي .
كعادته يخاف من أصل النمو والتطور .من الماء
تهتز الأرض وتربو
تنبلج من بين ثدييها آلاف من شجيرات الليمون والتين والعنب والزيتون .
ستنطفأ النار يوماً.
وسينتصر الماء
مادام هنالك سماء سيبقى الأمل بنزول الماء ياعلي .
علموا أولادكم ذلك .
إنها حربٌ بين الأضداد .
وسينتصر الأصلح .
هذا وعد الله .
إن معركتنا تمتد لماهو أبعد من ذلك .