حالات الحب الثلاث / بقلم :أحمد بوزفور

الحُـلْو
ـــــــــــــــ
1 ــ ( ولما نزلنا منزلاً طَـلَّهُ النَّدَى
أنيقا، وبستانا من النَّـوْرِ حَـالِيَا
2 ــ أَجَـدَّ لنا طيبُ المكان وحسنُه
مُنىً، فتمنينا، فكنتِ الأمانيا )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح:
1 ــ طَلَّهُ: أصابه ببلل خفيف. والطَّلُّ هو بَـلَـلُ النَّدَى
النَّـوْر: النَّـوَّار.. أزهار العشب
حاليا: لابسا الحلي.. أي: بستان يتحلَّى بالنَّوَّار
2 ــ أَجَدَّ المُنَى: جَدَّدَها وجعلنا نتمنى مرة أخرى

تعليق: وحلاوةُ الحب، في هذين البيتين، هي أن الشاعرَ مستمتعٌ به حتى في غياب الحبيب، لأنه يستحضره بالأمنيات، ولا سيما في الأمكنة الجميلة، والجميلُ بالجميلُ يُذْكَرُ ويُذَكِّر، ويستمتع به ومعه في الخيال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المُـرّ
ــــــــ
1 ــ ( وما في الأرض أَشْقَى من مُحِبٍّ
وإن وَجَــدَ الهـــــوى حُــلْوَ المذاقِ
2 ــ تراه باكياً في كل حينٍ
مخافةَ فُرقةٍ أو لاشتياقِ
3 ــ فيبكي، إنْ نَأَوْا، شوقاً إليهم
ويبكي، إنْ دَنَوْا، خوفَ الفراقِ
4 ــ فتسْخُنُ عينُه عند التنائي
وتسْخُنُ عينُه عند التلاقي )

تعليق
ـــــــــ : وهذا شاعرٌ آخرُ يرى الحبَّ عذاباً كلَّه، حتى في اللقاء، لأنه يتخيل الفراق الذي بعده، فهل في الأرض أشقَى من هذا العاشق الشقي؟ كأن سعادة الحب أو شقاءَه ليس في الحب بل في المُحب. فبعضُ العاشقين يجدون السعادةَ في كونهم يُحبون، حتى في الفراق الذي يُخففونه بالتخيل والتمني. وبعضُهم يجدون الشقاءَ في الحب، حتى في اللقاء، لأنهم، بدل أن يستمتعوا باللحظة الحلوة، يتخيلون ما بعدها فيشقون ويتألمون.
ما أصابك من شقاء في الحب فمن نفسك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ال(بينَ بين)
ــــــــــــــــــــ
1 ــ ( فواللهِ لا أدري أيغلبُني الهوى
إذا جَـدَّ جِـدُّ البَـيْنِ أم أنا غالبُهْ
فإنْ أستطعْ أغلبْ، وإنْ يَغلبِ الهوى
فمثلُ الذي لاقيتُ يُغلبُ صاحبُهْ )

تعليق
ــــــــــ : وهذا شاعرٌ مختلف: يتصور الحب حربا، والعاشقَ فارساً يخوضها، فإن انتصرَ وصبرَ على ألم الفراق وتَحَمَّلَه، فليس غريباً أن ينتصر فارسٌ مثله. وإن انهزم ولم يتحمَّلْ، فليس عاراً على العاشق أن ينهزم ويذوب، فالحبُّ، كالدهر أو كالموت، لا يخجل الإنسانُ من أن ينهزم أمامه، لأنه يغلب الجميع:
فقل للشامتين بنا: أفيقوا
سيلقَى الشامتون كما لَقينا

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!