حلم كاتب/بقلم:جسن لمين(المغرب)

كان عمر شابًا في منتصف العشرينيات من عمره، نحيف الجسد ولكنشه يحمش ل عيش نين تشششعان بحلم كبش ير. عششاش في حي شششعبي بسيط، حيث المنازل متلاصقة والشوارع تضج بالحياة والصخب. رغم كل الضجيج من حوله، كانت غرفته الصشغيرة عالَمًشا منفصشلًا. هنشاك، على مكتب متواضع، تراكمت الكتب الشتي اششتراها بششق الأنفس، والأوراق المكدسة التي تمثل مسوداته المتكررة لروايششة كششان يطمح أن تكون تحفته الأولى.

لطالما حلم عمر بأن يصشبح كاتبًشا، ليس فقشط لكسشب الششهرة أو المال، بشل لخلشق عشوالم يسشتطيع القشراء أن يهيمشوا فيهشا بعيشدًا عن واقعهم. لكنه كان يشعر دائمًا وكأن الحروف تُخفي نفسها عنه كلما همَّ بكتابتهش ا. كششل مششرة يجلس فيهش ا ليكتب كششانت محاولاتششه تنتهي بإحباط جديد.

ليلة باردة في شهر يناير، جلس عمر أمام نافذته المفتوحة. كانت الأضواء البرتقاليشة للمصشابيح في الششارع تُلقي ظلالًا ششاحبة على أوراقه البيضاء. تناول قلمه وبدأ بكتابة جملة: “كان الطفششل يحلم بششأن يُضيء العالم”. لكنه سشرعان مشا توقشف. همس لنفسشه: “هشل هشذا يكفي؟ هل هذا جيد بما فيه الكفاية؟”

صشباح اليشوم التشالي، اسشتقل عمشر الحافلشة العامشة لشيزور صشديقه يوسف الذي كان أكبر منه بخمس سنوات، وكثشيرًا مششا شششجعه على الكتابة. يوسف لم يكن كاتبًا، لكنه قشارئ نهم، وكشان يشؤمن بشأن كشل شخص يحمل قصة تستحق أن تُروى.

جلسش ا على ششششرفة صشششغيرة تطش ل على ششش ارع مليء بأشش جار النخيل، وقدم يوسف لعمر كوبًشا من الششاي الأخضشر السشاخن. قشال يوسف: “ماذا يُعيقك هذه المرة؟”

تنهد عمر وأجا:ṿ “كل شيء. أحيانًا أشعر أن ما أكتبه بلا قيمة. مَن سيهتم؟ مَن سيقرأ؟”

ابتسم يوسف وأخذ رشفة من الشاي قبل أن يرد: “أتعلم، الناس يحبون أن يجشدوا أنفسشهم في الحكايشات. إذا كتبت بصشدق، ستصشل قصتك لقلشوبهم. أنت بحاجشة فقشط لأن تشؤمن بشذلك”. هشذه الكلمشات كانت كافية لتشعل شرارة جديدة داخل قلب عمر.

قرر عمر أن يجعل من مكتبه ساحة للمعارك الأدبية. كان يستيقظ كل يوم في الصباح الباكر ويجلس لساعات طويلة يكتب ويعيد كتابشة نفس الصفحات. القصة التي بدأها كانت عن طفل يدعى “ياسشين”، يعيش في قريششة نائيشة، ويحلم بششأن يصششبح مخترعًش ا ينقششذ قريتشه من الجفاف. في شخصية ياسشين، كشان هنشاك الكثشير من عمشر نفسشه: الطموح، الإصرار، والشعور بالعزلة.

لم تكن الرحلشة سشهلة. واجشه عمشر أيامًشا ششعر فيهشا بشأن كلماتشه ضششحلة وأخششرى ظن فيهشا أنششه اقشترṿ من تحقيششق حلمشه. لكن على الشرغم من كشل ششيء، كشان يسشتمر. بعشد سشتة أششهر، انتهى من مسودة روايته الأولى. شعر وكأنه تخلص من عبء كان يثقل روحه.

كششان عمششر يعلم أن كتابششة الروايششة لم تكن سششوى نصششف التحش دي. التحدي الحقيقي كان إيجاد دار نشر تُؤمن بقصته. حمشل مخطوطتشه وبدأ بزيارة دور النشر واحشدة تلشو الأخشرى. كشان يُقابشل بشالرفض مشرارًا وتكرارًا، وكان كل رفض يشكل جرحًا جديدًا في قلبه.

في إحش دى الليش الي، بينمششا كششان يجلس في مقهى صششغير، قابششل ناشرًا صغيرًا يدعى “نزار.” كان نزار يشدير دار نششر حديثشة التأسشيس

تهتم بالكتاṿ الشبا.ṿ قرأ نزار المخطوطة وقال: “قصتك تحتشاج بعض العمل، لكنها تحمل روحًا صادقة. لنمنحها فرصة”.

كانت تلك الكلمات كافية لتعيد الحياة لأحلام عمر. عمل بجش د مششع فريق التحرير لتحسين الرواية، وأصبحت القصة أكثر نضجًا وعمقًا.

بعد أشهر من العمل، نُشرت الرواية تحت عنشوان “حلم ياسشين.” لم يكن الإطلاق مبهرًا، ولم يكن الحضور كثيفًا، لكن أول تعليق إيجششابي قرأه عمشر كشان كافيًشا لينسشيه كشل التعب. قشال أحشد القشراء: “قصشتك أعادت لي الأمل. شعرت وكأنني أعيش داخلها”.

بدأت المراجعات الإيجابية تتوالى، وأصشبحت الروايشة حشديث النقشاد في الأوسششاط الأدبيش ة. استُضش يف عمششر في برنششامج ثقششافي محلي للحششديث عن كتابششه، وهنششاك قششال جملششة ظلَّت عالقششة في أذهششان المستمعين: “الأحلام تستحق العناء، حتى لو استغرقت وقتًا أطشول مما نتمنى”.

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!