خدوش الجوارح/ بقلم:الدكتور محمد طاوسي

‏رغم كل هذه الخدوش و الجروح الداخلية التي استنزفت دمائي و انهكت قواي ، فأنا مازلت متفائلا ، أضحك و أضحِك للحياة و قد أعلنت خطبة الابتسامة الصارخة في وجه التحدي ، ابتسامتي التي تواسي القلوب المملوكة مثلي كما تغيض نفوسا حاقدة حاسدة ، بابتسأمتي هاته أسأل عن النفوس المخدوشة ، علها تجد سلواها في سؤالي ، و أهتم بالارواح النفيسة علني اجد توأم روحي ، فروحي و إن طال الزمان بها فهي مثل طائر الرخ الفريد السائح بين الأكوان ، يبحث عن خليل له ، فانا بالفعل طائر الرخ القوي رغم الكدمات ، احلق بجناحي الشامختين في عوالم الكون المتمازج و المتدافع بين كل مكوناته الأساسية .
و انا طائر الرخ الفريد رغم الكدمات و الكادورات التي أصابت جوانحي و جوارحي ، أصنع الكثير كي تسري الحياة بكل الحياة ، و أتغافل عن الكثير لأجل الجوارح الأخرى ، مراعيًا مشاعر من حولي ، منتبها متيقظا طيلة الوقت كي لا يعلم أحدهم ما بداخلي من أكلام ، فانا لست مجرد إنسـان عادي ، بل انا مخلوق يحمل رسالة خاصة إلى كل العوالم كي تحيى بمعاني الحياة و تتعلم من الحياة أن لا تقف على أحدٍ ، كي تستطيع الحياة مع الجميعِ و تحيى لخاصتها .
نعم أنا طائر الرخ القوي رغم كل الخدوش و الجراح التي بداخلي ، فانا ليسَت لدي الرغبة بوصف ما بداخلي لأحدٍ مهما كان ، لأنه اصلا لا احد يستطيع تقييم ما بداخلي غيري ، فبداخلي بحر عميق يختزن كل اسرار المحيطات
انا بالفعل طائر الرخ القوي ، و لا بأسَ إن عشت حياةً لا يفهمها الآخرون أو يدركها المتنطعون ، و لا بأس إن كان البعض مخطئا في تقييم احوالي ، حظي فريد و سفينتي ما انكسرت مجاذفها ، و شراع الامل مازال خفاقا ، رغم أن الأشخاصَ السيئينَ في هذا العالمِ هم الأكثرُ وفرة ، و اوفر اغتناما و صيدا للفرص المتاحة ، بل هم أشد لصوصية لما ليس لهم .
انا بالفعل طائر الرخ القوي رغم الطعنات الغادرات التي أصابت ظهر وجداني ، فأنا ليست لدي الرغبة في تفسير معالم كلماتي او تبرير حالة سكوتي و هدوئي ، لأنه ببساطة لن يفهم الآخرون لحظات هذا الهدوء ، و لن يقدروا تفاصيل وجودي ، حتى تلك الصغيرة منها التي تُلامس روحي حبها ، فتجعلني أكثر تبسما و إشراقا ، فأنا أبتسم دائما كي يحتار الناس في فهم دواخلي أو بلوغ خوالجي ، فلا يزداد حقدهم و غيضهم بكثرة إعجابهم ، لأن الحاقدين معجبون و لكن بحقد‏ .
انا بالفعل طائر الرخ الفريد رغم الخدوش و الجروح التي لم يكن منها بد ، فأنا قد آثرت الصمت مع الصراخ الداخلي لانه بالفعل عند صراخي يصدح صوت قوي جدا قد يدمر كل ما يحيط ، و بذلك انتهجت مبدأ السكوت حتى لا تكون هناك فوضى عارمة في خوالجي ، فالصمت هو الصرخة الأقوى ، و السكوت هو دوي الانفجار الذي لا يعلمه إلا الله وحده ، و في هاذين المنهجين هناك جمال يختبئ بين ثنايا الروح .
فأنا بالفعل طائر الرخ القوي ، أعلَّم كيف أكتشف الجمال و الجلال ، و اكتشف به معادن البشر ، لأنه ببساطة لن يتعرف احد على معادن الناس إلا بالمعاملة ، و تبقى المواقف و المعاملات أصدق الأدلة و أجل البراهين .
انا بالفعل طائر الرخ الفريد رغم كل الظروف التي أمر بها ، فأنا ليست لدي الرغبة في التخلي عن وجودي و وجداني كي لا افقد حقيقة كياني ، فالأمر لايتعلق فقط بالحب ، بل هو مرتبط بالإدمان على الامان و الثقة التي تستحِق كل الأنتظَار للقاء توأم الروح ، و الاستمرار معا في بوثقة الوجود الذي هو اختيار موفق .
فانا بالفعل طائر الرخ القوي اسعى للتمسّك جيداً بكينونة وجودي الذي لا يستطيع احد أن ينكره او يعدمه حتى و إن ظن البعض أنني غير مرئيٍ للآخرين ، فالله سبحانه و تعالى يلهمني السبل و الطرق للبدأ من جديد دون تردد او خوف من الفشل ، لأن الحركة التي أخشى اتخاذها في بعض الأحيان قد تكون هي الخطوة التي ستغير كل شيء في مسيرة حياتي .
فانا بالفعل طائر الرخ الفريد أدفع نفسي للأمام كل يوم دون توقف رغم السقطات الدموية التي تعترض طريقي ، فسقوط ريشة من جناحي لا يعني سقوطي لأنني بالفعل طائر الرخ الفريد .
فانا بالفعل طائر الرخ القوي رغم الجروح التي تنزف دما بداخلي ، فأنا على يقين أن ‏الحياة أبسَط من أن تعتريها كل الجلبة و الضوضاء التي تغمر شوارع الكون المرئي ، و هي ابسط بكثير كي نأخذها من أيسر جهاتها ، فإنَّما الحياة مسار لمسير مهما طال او قصر ، و نحن به مارُّون لا مقيمون ، و إنما المقام الأول و الاخير هو ذلك الملاذ الأخير ، و ما يهمني على طول هذا المسير هو نفسي و روحي و وجودي كي تستمر رحلة وجودي ، فانا أتعلم كي اعلم ، و اتطور و أكبر فتكبر طموحاتي و تسكن جماحي ، و اخطئ و أتوب من أخطائي مهما بلغت ، فالله يغفر و يهدي من يشاء .
انا بالفعل طائر الرخ القوي رغم السقطات المدوية و المدمية التي كادت أن تنهي كل حياتي ، فأنا أومن أن طريق النجاح ليس بالهين السهل ، بل لكل شخص ناجح قصة مؤلمة ، و لكل قصة مؤلمة إخفاقات عميقة ، لكن النهاية تكون ناجحة ، لذا انا أتقبل الالم الذي يلم بي و استعد للنجاح الذي أومن به ، فاملأ حياتي بالمغامرات و اتسلح باليقين لا بسفاسف الأمور ، و اصنع تاريخا جميلا ترويه القصص الجميلة ، لا أحداث تعترضها الخيبات .
انا بالفعل طائر الرخ الفريد رغم المطبات و الإخفاقات التي ما أكاد استغيث بالله من واحدة منها حتى تعترضني أخرى ، إذ أنني انا التزم منهج النصيحة و الإستشارة كي لا اخذل نفسي بالاغترار ، و لا احتمل لها الاعتذار ، فلا أحَدْ يُعْطِي لنفسه نَصِيْحة حَكِيمة أكثَرْ مِنْ نَفْسَه ، و لا احد يحب احدا غيره اكثر من نفسه إلا المؤمنون و قليل ما هم ، و انا قد جعلت من محبة الله في قلبي هي ذلك النور الذي يرشدني ، و الدليل الذي يقودني نحو الملاذ الآمن حتى في أحلك المصاعب ، و قد علمت ان أصعب المعارك التي أواجهها على الإطلاق هي بين ما اومن به و ما أعرفه ، فرغم أن معرفة الاشياء خير من جهلها ، فالإيمان هو المقود الموجه نحو الأفضل كي لا افقد الأمل و استسلم للالم ، فإنه لا تظهر النجوم إلا إذا غابت الشمس ، و الله تعالى وحده هو الوحيد الذي إن ذهبت إليه أمنت و احتميت ، فمن كان الله معه فلا احد يضره .
فكن لله يكون الله تعالى لك و كن مع الله يكون الله معك و كن بالله يجعل الله لك كل شئ

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!