المسلسلات التركية معظمها دراما يعشقها الأتراك
وكثير من العرب
زوجتي تواظب على العناية بهاوتتابعها بشغف
حينما لم يبق لديها إلاّ مسؤولية التدبير المنزلي
يتولى السوريون ترجمتها في الغالب
وهم بحق رواد المسلسلاتوالمسرح!
أما زهرة الثالوث؟ هذا المسلسلالمتحكمة فيه
قناعات وعقلية القرن السادس عشر
لا يختلف كثيرا عن مسلسلات الأتراكالأخرى
التي تدور في معظمها
حول الحب والعشق والخديعةوالحقد
والعنف والخيانه والهروب
والتوغل فيمتاهات النفوس المضطربة القلقة
كالحَبَل وإجهاض الفقراء والأغنياء
وسلطة حاكمة.. وعصابات
ورئيس ومرؤوس وسلاحفي متناول اليد
والسبابة حاضرة دوما على الزناد
ولو كان الماضي البعيد قاتماوحافلا بالمظالم والحروب
ويفتقر إلى كثير من العلوم الإنسانية والفنون..والآداب
وقد نالنا في الحرب العالمية الأولى
النصيب الأوفرمن ويلات المجاعةوالمظالموالحصار
ومن الفتن الطائفية وانتشار الجراد
لكنني لا أحملُ ضغينة أو غلا في داخلي على التاريخ
فتركيا اليوم بلد راقٍ ومضياف
مزدهر فعلا.. وجميلبلا ريب
يؤمه سائر الجوار
للسياحة والتسوق وشم الهوا والترفيه
وقبل فساد البلاد وخراب اقتصاد العباد
رحنا واحتفلنا بزواج ابنتيفي استمبول
أما هذه الدراما التينشاهدها
ونسمع بها في كل يوم؟
يعيشها الناس يوميا على الشاشات
في تركيا كما في قبرص.. ولبنان
بينما “زهرة الثالوث” الساحرة
كأنها وجه قطة وديعة.. أو إنسان
يتردد لونها ما بين
الأحمر الخمري
إلى الكحلي الراقي الأنيق
والأبيض الطاهر العفيف
ثم الأزرق الصافي
والليلكي الفاتنبلون الخزامى
فالأصفر الحاسد.. الغيور
تَمَجَّدَ”الثالوث” المقدس… في الأب
والإبن.. والروح القدس
لأناقة هذه الزهرة العطرية الفاتنة
أمازهرة الثالوث؟المسلسل التركي؛فلم أتحمل الصبر وإضاعة الوقت الطويل فيمواكبته.وما تحصّل عنديمن خلال الانطباع ومتابعة بعض أجزاء الحلقات؟ كان كافيا لإبداء رأي متواضعبالمسلسل،والقول إنهلا يستحق عناء المتابعة، أو تكاليف الدبلجة المتعثرة.. وهدرالوقت.
فآغا أوغلو زعيم العائلةهذا الممثل المتعالي، المنفِّر بأدائه وشخصيتهوإرثه العائلي؛ وشاربيه. حينما لم يجد له كاتب المسلسل أو المخرج، دورا استثنائيا بسيطا ولطيفا لائقا في التماهي مع مشاعر المهتمين من مشاهدي هذا المسلسل المنكود، ولو ببعض اللقطات الإيجابية المعبِّرة.
حتى صور الكرتون المتحركة،تلعب أحياناأدوارا مؤئرة،جديرة بالتعاطف معها، تتجاوز بحق ما فعله آغا أوغلو في مسلسله. هذا الكائن المستبد وصاحب الكلمة الفصل، يجاهر بميله لحفيدته جيهان على حساب الإساءة لريان حفيدته غير البيولوجية، التي تهوى الفروسية وركوب الخيل.
تسقط ريان وهي تمارس هواية الفروسية، عندما يشعر الجوادبالخوف من سيارة مقبلة نحوه يقودها ميران، الذي يبادر إلى مساعفتها ويعيدها لأهلها،ويكتشف لاحقا أنها ابنة العائلة التي قتلت أبويه كما أخبرته جدته. ليعيدنا إلى الثأر بين عشائر شمال البقاعفيمنطقة بعلبك الهرمل بأداء سيء، تعوزهالبراعةوبعض اللقطاتالإيجابية،ويبقى أدنى كفاءة من مسلسل “الهيبة”.
وجدة ميران حرضته على الثأر،فاتخذ قرارابالانتقام من عائلة ريان. لكن صراعا داخليا عنيفا كان يعانيه بين الثأر، ونداء القلب. كما في مقتطف من قصيدة”عليا وعصام”لقيصر المعلوف:
“بثأرِ أبيكَ خُذْ من قاتليهِ********* وإلاّ عابَكَ العربُ الكِرامُ
أبو عليا الغريمُ بُنَيَّ فانهضْ* فهذي الدِّرعُ دِرعُكَ والحسامُ
ولمَّا شاهَدَتْهُ عليا في هواها ***** قتيلاً يستقي دمُهُ الرّغامُ
نَضَتْ من صدرِهِ الهندِيَّ حالاً ** وقالتْ لا تَمُتْ قبلي عِصامُ
وأغمدتِ الحسامَ في حشاهاوقالتْ: على الدّنيا ومن فيها السلامُ”
وقصيدة “عليا وعصام”طواها الزمن، فلم يرحم قيصر المعلوف، وسهره وتعبه في نظم القصيدة، التي تداولتها المدارس والطلاب، وقد حفظتهافي طفولتيبكاملها من ألفها حتى يائها.
ولئن ابتعدنا قليلا إلى فرنساوالسَيِّدْ”لكورناي” ؟؟ تَذَكَّرْنا Chimèneو Rodrigue؛الحكايات إياها التي تكررت ملايين المرات عبر الزمن. لكن حلقات هذا المسلسل تتشابك بفوضى، وتدور بوتيرة تنتهيمن حيث تبدأ، لتعيدنا إلى المعلوف والعشائر وكورناي في القرن السادس عشر.
شخصيات أخرى متفاوتة، تتفق أو تتنافر في عداوة وعنف متبادل. والبطلة التي لم تحظَبفرصة قصيرة واحدة في الحلقات التي شاهدتها؟ لكي أتعاطف معها لو توقفت مرة عنالشكوى والبكاء.
في الواقع أنا أكثر من يعشقون الانفعال، عندما يبدو معبرا في العيون وعلى الوجوهالصادقة الجميلة. لكن الحوارات تكاد تكون نكدا، وغضبا وصراخا متواصلا،ودموعا لا تتوقف، والممثلة البطلة هذه في اعتقادي، كانت أجمل من أن تغضب أو تلجأ للنكد، ناهيك عن أسرارعميقة عصية على الاكتشاف، وغرق في فيض من العواطف المستهلكة المبتذلة المستفزة من التكرار.
ويبقى الملفت الحقيقي في المسلسل؟الدهشة تنعكس في عيون الإناث ولو بلا مبرر يستحق،بالإضافة لجمال المرأة التركية الطبيعي وأناقة الثياب، والأمكنة الخلابة المختارةللمسلسل.
شر البلية ما يضحك
في مشهد من المسلسل، كانت ريان في فترة من الصفاء الوجداني مع ميران، وهما يتنزهان ويتناجيان علىطريق الغابة،دون أن تكون قد حسمت موقفها منه أو اتخذت قرارا نهائيا بعد.
حينما تعثرت بحجر في الطريق وكادت تتهاوى إلى الأرض. ما استفزه ودفعه أنيمسك الحجر بغضب بلغ حدود الحقد، وراح يفكرأمامها بصوت عال،كيفيبتدع طريقة للانتقام من الحجر، الذي تسبب في إزعاج قدميّ حبيبته، التياحتفظتلاحقا بالحجروحرصت عليه كأغلى الذكريات.
المهم عملوا قضية عاطفية من الحجر. ذكرتني بالحسن بن هانىء”أبو نواس” أحسن الله إليه وطيب مثواه، لشاعريته المتدفقة بالإبداع، وهويقولعاتبابلا نقمةمتهكماعلى الحجر.. إيّاه.
عاجَ الشّقيُّ على رسمٍ يسائِله***** وعجتُ أسألُ عن خمّارةِ البلدِ
فلا جَفَّ دمعُ من يبكي على حجرٍ* ولا صفا قلبُ من يبكي على وتدِ
(*)بنفسج الثالوث – أو زهرة الثالوث – وتعني بالفرنسية….(La pensée)
وقد تراءى لي بالخطأ من خلالعنوان المسلسل؟ أن زهرةالثالوث– الممثلة
قد أوقعت بحبها اثنين، وأن التسمية إنماكانت بوحي من الأب والإبن والروح القدس