شذرات من البرد في عز الصيف 

سميرة بيطام 

سكب لي الحزن كأسا من عتق الألم لأتجرع منه شربة ماض لا يريد أن ينقضي نهائيا، كان الليل متأخرا جدا وكنت غارقة في كتابة مقال على نسق المتنفسين لعطر المداد الحر، شعرت بالبرد كثيرا، وتسلل بعض العرق على جبيني لم يكن بالمهم شعرت بتبلد في المشاعر وتناقض في المفاهيم، خاطبت الألم بابتسامة عارضة كونك تعرفني في أني لا أستجيب  لكل ما يعرض علي أو  يلفت انتباهي أو يثير حفظيتي ماعدا إحساس البرد الغير عادي..حاليا وفي هذه اللحظات الحاسمة والصامتة في آن، والمناسبة لحرب مشتعلة في غزة لا تريد أن تنطفأ لأن الكل تقريبا يساوم على عروس العرب من سيخلصها مما هي فيه  من حرب إبادة لأبنائها.

يبدو الغباء مستباحا ولم يكن بالمباح ، لأن بعض من كانت فلسطين منذ الأزل قضيتهم صاروا اليوم يتهربون من هذا الالتزام لدواعي أمنية ، يا عقلي الحائر سلهم منذ متى كان الأمن يُصان بلا أمن عروس العرب فلسطين؟.

لا تسرد لي حروب الصليبيين ولا التتار ولا أقوياء العرب في زمانهم لأن ملاذهم الأخير كان التسليم أو التخلي في تداول للأيام وقت الحروب والمعارك، نعرف ذلك جيدا في قاموس التحجج لا قاموس التبرير ، فالحجة هي أن توظف ما يعينك على التأكيد من أن موضعك صحيح لا يستحق أن يهتز ، والتبرير له دافع أو دليل تحجب به تغطية صورتك أمام العالم..

دع البرد يترنح في جسدي فشعوري به ضروري فالكل مرتجف من خطورة حرب غاضبة لا تريد الرضوخ لمفاوضات السلام وحديث أتباع السياسة عن مقترحات الحلول التي وقفت هي الأخرى عاجزة عن التصدي لآلة الدمار والموت، فدواعي البرد في شذراته عندي لها تفويض خاص من جسد يرتجف أسى على شهداء غزة الذين يرحلون تباعا في أرض الرباط المغوارة وبقية الخلائق كل في همه وكل في مبرراته التي جعلت من شمولية الشعوب العربية تتابع ما يحدث من دمار ولا تستطيع أن تقترب لتفك الحصار أو ترفع الغبن..

فلن يكون من الغريب في الأمر أن تبقى غزة تصارع الموت وجميع الاحتمالات تقف على حدودها خاصة  وأن السابع من أكتوبر كان بمثابة الهجوم المباشر على إسرائيل وبالتالي اعلان الحرب عليها فكانت هذا الشرارة بمثابة الغطاء الذي تلفه بعض العقول في تبرئة ذمتها  حين تقول أن على المقاومة ان تتحمل مسؤولية ما قررته لوحدها دون اعلام السلطة الفلسطينية أو حتى باقي الجهات المعنية بالمصير الفلسطيني وهي في حقيقة الأمر مسؤولية العرب والمسلمين تجاه مقدساتهم ولا غبار على ذلك، حتى أن الرواية مؤخرا تغيرت حين شعرت دول الحدود أن ثمة خطر ما يهددها فراحت تصرح  في مؤتمرات مستعجلة أنه يجب ضمان حقوق الفلسطينيين في عدم تهجيرهم بالزام إسرائيل باحترام بنود القانون الدولي، ولا غرابة أن يستيقظ الضمير العربي النائم اذا شعر أن أمرا ما يدبر بليل.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!