صباحية شتوية/ بقلم:ياسر الزمراوي( السودان)

يلملم عقاب ذكرياته، ماشيا في صباحية شتوية لاظية، شمس الشتاء التي يقول اصدقاؤه انها شمس سحارة، ربما هو أقل اعتقادا بذلك، يدفعه النشاط الذي تبعثه شمس الشتاء على المشي. هي ذكريات يدفعها في ذهنه احيانا، ويطردها حينا آخر، كي يصل إلى راحته النفسية التي ابتعدت منه عقودا، حائما هو بين التلظي بالذكريات وبين الابتئاس ببعضهن، كثيرا ما كانت تصنحه صديقته يسرا بأن لا يترك نفسه للذكريات ينشن قلبه الشبابي المضطرب، وان يجعل الفرح عنوانا له كل حين.
لكن ماهي هذه الذكريات
ما طبيعتها
انها ذكريات العنفوان الشبابي في بدايات خروجه من مرحلة المراهقة عاتبا بارجله على عمر العشرين، اول اكتمال عقدين من عمره وبداية النضوج، يقول له الأصدقاء انه يحمل فيها نفسه الكثير وان الجزء الأكبر منها بداية تعاظم في الشخصية إذ رام لنفسه أهدافا من صراعه الاجتماعي والسياسي في البلاد المتقدة بفعل النظام الناهب السالب المعد لسياسات التطويل والابعاد والهرجلة في الحوارات اليومية والإقصاء المتعمد.
هكذا إذا هو الأمر، يذكر أنه عندما دلف إلى الجامعة بعد سنة إعادها في امتحان الشهادة لم تكن بخير أكثر ولم يستطع فيها إحراز النسبة التي تدخله لكلية الطب مبتغاه الشبابي وحلم أبويه وأسرته، دخل بعدها لكلية الكيمياء واصبح يطوع نفسه لتلك الكلية فلتكن هي مرامه الان، لا ليدفن فيها أحلامه، لكن ليغيرها متماشيا معها ولينشد منها تفوقا أكاديميا في العلم والبحث العلمي، اول دخوله ذلك صحبته بل سبقته شهرته ككاتب وشاعر في أدب الثورة، متخفيا بين الأسماء الأخرى لصغر سنه الذي تجاوزته قدراته الكتابية، وسبق دخوله الجامعة قدراته الشيقة وأمكانه في إدارة الحوار بين المتحالفين في مظلة النضال ضد النظام الرأسمالي الطفيلي الحاكم، هو لنفسه يعلم جيدا انه ابن اليسار، مايسمى يسارا متطرفا عند البعض وعنده وعند زملاؤه انه اليسار فقط القادر على مناؤاة اليمين الرأسمالي المتطرف ذاك، لم يكن متعاظما، أو ربما بعد  ذاك بدأ التعاظم، إذ لم تطأ قدميه أرض جامعة السودان يومين او ثلاثة، الا وجد ترحيبا من طلاب تنظيم الجبهة الديمقراطيه، تنظيمه في الثانوي المتحالف مع الحزب الشيوعي، اسعده ذلك واصبح يرى الصباح براقا بين دفتي الجلوس بين اصدقاؤه، سنا الشمس أصبح مشعا في عينيه، في رؤيته للأشياء أصبح يرى أنه صراع أقوى من الحوارات المتقطعة والاجتماعات الغير منجزة مثل تلك التي في مرحلة الثانوية، السلطة أعلنت المعارضة لنظامها جريمة جنائية بينما الالتحاق بتنظيم معارض في الثانوي يكون قبل سن الثامنة عشر، اي بذلك وحسب القانون الظالم ذاك يكون الطالب قد ارتكب جناية حتى قبل أن يكمل سن المسائلة القانونية،
لنعد لجامعته،

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!