غربة / بقلم : محمد خالد الخطيب

بعدَ كل المسافاتِ التي قطعتها في غربتي ما زلتُ أرى عتبةَ البيت كلما التفتُّ خلفي .. أنا الذي تركتُ ظلي بين إخوتي هناك ومضيت.

لم أكن قد غادرت الطفولة تماماً ..لكني لم أبك في صالة الانتظار وراسي ملتصق باخر جدران الوطن ولا حين كانت عيناي تفتش بسذاجة عن سيارة أبي القديمة من الطائرة .ويداي لم تكن تعرف الوحشة حين فتحت حقائبي وباحت برائحة القهوة والزعتر ..صغيراً كنت..ولم أفهم تماماً حين هاتفتهم لماذا كانت ترتجف أصواتهم بردا علي ..صغيرا ونسيتني على عتبة البيت .

فيما بعد تعلمت كيف ألوذ برسائلهم كلما صفعني المنفى .كيف أبحث عن آثار أصابعهم تحت عمود الضوء .. كيف أرسل الدمع وأكتمه قبل أن أتصل بهم ..

تعلمت أضع وجهي بين كفي لأرى عقد البامياء المجفف على الشباك وأسمع ضجة الأطفال وأهازيح النساء في حينا وأستنشق أمي ..

تعلمت كل هذا تحت تمثال حزين _مثلي حزين _ لكنه لم يملك أبداً أن يرفع يديه .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!