فى ضيافة المطر – ٣/ بقلم : فايزة سعيد ( السعودية )

الصباح نقطة صغيرة
عند أخر محيط
الأرض تفاحة خضراء
تفاحة حمراء تفاحة صفراء
وآدم صندوق مغلق معلق
في عين الشمس الغائبة
عاشقة أنا مازلت فى ضيافة
المطر
أتسكع في شوارعه المائية
وعلى أرصفته المبللة
بالماء وحبات البرد
فيما صرير الريح يصم الأذان
يرتعش قلبي
عندما يلامس الهواء شفتي
رغبة في مضاجعة العالم
أشعر برغبة في الطيران
كفراشة ملونة في يوم غائم
وجهك العاصفة
موت مدينة على شرفة البحر
وجع وجع
يبتكر لغته الجديدة
أنا التي ما عدت أحتمل الوجع
في حضرة المطر
وجهك البعيد القريب
نشيج الماء والمصير
الخاتمة والمشيئة
بهجة الزمان والمكان
فرح الشمس
روح العصر
عطر الأرض
عنوان الشوق
ذاكرة الماء
أنظر يمينا أنظر شمالا
تائهة بين السماء والأرض
هاربة من الأيام
وحيدة عاشقة فى حضرة
المطر
على أجنحةالمطر
في قصور المطر
في غرف المطر
جنون الريح على أرصفة عارية
المطر يعشق أيضا بجنون
هكذا قال لى المطر في ضجيج
العاصفة
بابتسامة ساحرة وماكرة
ابتسمت أنا له أيضا
وأنا أتوسد حجر صوته الحلم
وقلت حسنا
إنه العشق فحسب

٢

إنه الليل
ومن عادة الليل الخوف
لكن في ضيافة المطر
الأمر مختلف جدا
حيث البياض بياض
والسواد سواد
أتذكر قول ريلكة
( من لم يبن بيتا الأن
لن يبنى بيتا فيما بعد
من هو وحيد الأن
هكذا طويلا سيبقى )
حسنا
قلت للريح
سأبنى بيتا بل قصرا من
المطر
ولكن أين ؟
وسط هذا السواد
السواد هو أيضا
بطل خرافى هكذا تقول الأسطورة
فى الليل لم أعد أعرف
إن كنت فى ضيافة المطر
أم فى ضيافة السواد؟
كما كان أمل دنقل
في ضيافة البياض
( فى العنبر ٨
كان نقاب الأطباء أبيض
لون المعاطف أبيض
تاج الحكيمات أبيض
أردية الراهبات
الملاءات
لون الإبرة
أربطة الشاش والقطن
قرص المنوم
أنبوب المصل
كوب اللبن )
اخرج من بياضك يا دنقل
وادخل فى سواد الليل
وكل ما حولي سواد فى سواد
إذن هي لعبة اللون
حيث البشر
ظلال هاربة من نافذة الزمن

٣

اليوم هو اليوم الأخير
لي في ضيافة المطر
أحاول أن أكون أكثر من عاشقة
بعد أن خلعت معطفي الأزرق
ولبست ثوبا شفافا من ورق الياسمين
كان قد صنعه لي المطر
وألبسني إياه
مع أساور من الفل
وعقد من الورد
وشال من الماء
في رقصة غجرية ذات غيمة
قال ابقِ معي
قلت لا أستطيع
قال فى قلق سأبني لك قصرا عظيما
من الشوق
معلقا بين السماء والأرض
وأجعل لك من الفضاء
أجنحة من الحنين
تسافر بك إلى أخر مجرة
في الكون
تطوفين من خلالها بيوت العاشقين
وغرف القمر وموطن النجوم
وسأصنع لك سريرا من الغيوم
ووسادة من الفراشات
ولحافا من الماء
سأفعل من أجلك كل شيءٍ
فقط ابقِ
قال المطر :
في غربة حزينة
ابتسمت أنا في ألم
مسافر إلى الغيب
وقلت ؛ وقد امتلا صدري
بالأشواق الحارة
حسنا لا أستطيع
ولكن في المرة القادمة
قد أبقى
من يدري

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!