*_طريقٌ بفجواتٍ لم تُحدثها دابة الأرض التي أعلنت الخلاص لجنِ سليمانِ، بل أحدثتها الحياة، طريقٌ هش وكأنه العهن، جسرٌ مهترئةٌ أخشابه بحبالٍ أبلتها الشمس وأقدام المارة، كيف لي العبور لأرض السلام التي أرنو إليها؟! فشاحت بنظرها عني هي الأخرى؛ لأنني لم أجد طريق الوصول إليها.*
*_ما ذنبي إن كانت الطريق هشةً والجسر مهترئا؟ ما ذنبي إن كنتُ أخشى السقوط في أخدودها الجحيمي؟*
*_لم أعد أرغب بالمجازفةِ مجددًا، وليس لي أيةُ خَيارٍ سوى المكوث، فهل أعود أدراجي!؟ أم عليّ إطالة المكوث؟ يرافقني الملل حيثما ظللت ومكثت وكأنه مُجدٌّ بمرافقتي، يفتش بي وكأنه يود أن يختلق الأحاديث، فيتصفحني صفحة تلو صفحة، ويلعق إبهامه عند تقليبه لي، يهمُّ بقراءتي بعينين جاحظتين على ما يبدو أنه قارئٌ جيد.*
*_كما لو أنني كِتابٌ طال هجرانه، تبًا لك أيها الملل قد خنقتني بغباري، وقد أيقظت بداخلي ما كان قد طُمِرَ بتراب النسيان، فبأي شعورٍ يشبه هابيل لأقتلك به أيها الملل اللعين؟*
*_حتى شجرة الأمل التي تقول لي: أدخليني أدخليني لا بد وأنها ستجعل منّي شيئًا ظاهرا، ليستدل به شيطان اليأس عليّ، بتُّ أخشى كل شيء، يتلبسني الإعياء وهذه المرة لن تتبرأ منّي مفردة التعب، على الأرجح أن التعب سيرتديني سترةً تليق به فنحن نلائم بعضنا كثيرًا .*
*_ أرى في بؤبؤهِ أنني أبدو كقيثارةٍ قطّع أوتارها عزفٌ صاخب، وكسمفوانيةٍ سئِمها المنصتون، وكرقصةٍ تركها الراقصون حين أصابهم الُكساح.*
*_أنا بحاجةٍ ماسة لأن يولد أرسطو مجددًا بداخلي؛ كي يفسرني كنظريةٍ أكانت أم لم تكن؟ عليه بأن يُلقي بفلسفتهِ الوجودية عليّ، هل أنا صورةٌ مثالية أم أنني قد نُسخت؟*
*_فداخلي أشبه بمسرحٍ يستحق دعوة شبح كلاوديو مونتيفيردي من مقبرتهِ، فهو من سيجعل من تنهيداتي أوبرا صاخبة، ومن كل تلك الفوضى عملًا أدبيًا، وها أنا عالقةٌ ما بين ماضٍ سحيق لا يمكن حدوثه، وحاضرٍ متذمر، ماذا بوسعي أن أفعل؟ ووسعي ليس إلا دائرة، هل أخطو على تلك الأرض الهشة؟ أم أركض على ذلك الجسر المهترئ؟ أم عليّ المكوث علّ معجزةً