نقوشٌ على جدار الذاكرة/بقلم:هناء علي (مصر)

لم يكن لديَّ إخوةٌ حين تصدَّقتُ بملابسي
و طفولتي التي ضاقت علىْ
منذ عشرين عاما
كنتُ أنتظرُ أبي من شرفةِ الليل التي تطل على أحزانه
أبحث عنه في ضوء الأعمدة المُضاءة
و هو يسير حافيًا فوق أرصفة الوجع
ليشتريَ لي حذاءً أذهب به الى المدرسة
و قطتي ؛ نصف العمياء ؛تقفز وصغارها في فمها
من حائط لحائط
ربما تجد أمانا .. وطعاما تَخَلَّف عن جامع القمامة
لم أكن أعرف أن أمي تُبَلِّلُ بقايا الخبز العفن
وتتركه مرة’ أخرى يجف فوق أخشاب بيتنا المتهالكة
و لم يكن أيضا هناك من يعرف أني أخبئ بقايا الحزن
و قليلا من الإبتسامات الرمادية
و صمتًا كثيرا بداخلي

لم أجرؤ يوما على طلب نقودٍ لأشتري بها فستانا مُرَصَّعًا بخرزات عشرين عاما مضت
أو أحلم بشراء زوج صالح.. لقد كبرتُ كثرا يا أبي
انحنيتُ بما يكفي و أنا أحمل عُلَبَ المناديل الورقية
لأوزعها بقطارات الخوف
و بين العربات التي تغسلها دموعي
في إشارات المرور
من يشتري جسدي بوجبة طعام ساخنة ؛
و قارورة نبيذ باردة كأعضائي ..؟
من يمنحني يوما من السعادة ؟؟
لتكنْ أنت يا من يوزع الأقدار
لتكنْ ثريًا يا أبي
تشعل سيجارك من أشعة الشمس
و تغسل عربتك من غبار الفقر
لتكن أنت من يدس الأحلام في حقائبنا السوداء
و تبني من أحجار أرواحنا المتهدمه بيوتا للصلاة
لا تكن دخانا يا أبي يصعد إلى السماء
كن لنا
كن باقيًا لنا .. مادامت الحياة .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!