نحن الذين هبطنا اسفلَ العوالم ، قضمنا تفّاحةَ آدم . وعلى محيط اسفارنا ، كنّا نتوسّدُ عبّارةَ ريح ، ريش جناح ، طفنا حول سواترِ الدوران ، مثلَ مغامرات لا تعرفُ اسرارها ،
وطالما ما احتفظنا بلهَثاتٍ متورّمةٍ ، وهي تُسعّرُ نفّاثةً .
لم يعُد بوسعِنا ان نرمّمَ صورتنا في الاعالي .
هناكَ الاعاقةُ ؛ التي سيّجت طوقَ انفاسنا ، كحبل غريق
حيثُ الخروجُ متاهةً . كمّاماتٌ توشكُ ان تُزفرَ قروحَها المستوطنةَ .
كما لو كنّا نتربّصُ ما يأتي سلفاً
حين نقول :
على متنِ بريد الريح
تتهاوى الاغصانُ
بالثمرِ الكاذبِ
وتنكشفُ عاريةً
اوراقَ الشجرِ اليابس
وينضحُ الغبارُ
ترابهُ الموحلة
وحدنا هنا .
وهكذا يحدثُ دائماً ،
ستمنَحُنا الرغبات الكثيرَ من الوقت .
لنشيّد ما بدأنا في هدمه ، حجراً فوق حجر ، أو حجراً تحت حجر .
ونعيدُ الكرةَ ، تنويماتٍ تتأرجحُ ، نضربُ اخماس في اسداس .
هل نتكهّنُ ان الغادي قبلَ الآتي ، ام الآتي قبل الغادي ؟
مثلما كان اسلافُنا .. نسّاجو تواريخ ضالّة ، وتأويلاتٌ ممزوجةٌ بروائح عسل ، هرطقةُ كلام .
ولكي نمضي بعيداً . خبّأنا ما تبقّى من الروح . تلك التي تشظّت خارج أسوارها
وهم في الجانبِ الآخر ، يتركونَ متاعهُم تنفضُ احمالَها .
ويصعدونَ دون جدوى ، ثم يهبطون جالبينَ متاعبهُم مآزِرُ روح .
لا سواحلَ هنا او هناكَ ، لا دليلَ نجومٍ ، ولا رياحَ تستفزُّ خيمةً في العراء .
فقط خيطُ هلالٍ .. ملصقٌ مطوّق . لا يتسرّبُ منه سوى شظايا ضوءٌ . بعثرةٍ كحبّات الرملِ .
ومن نوافذَ بلا زجاجٍ ، يراقصونَ الهواءَ بنايات شجيّة ، وهو يتمرّنُ في لعبتهِ ، إطلالةُ ريحٍ ، وآثارُ مطرٍ ،
ونحن ننتظرُ شرودَ العتمةِ .
واخيراً هنا :
شهودُ عيانٍ ، وأعمدةُ الحكاياتِ تتزاحم ، هشاشةُ صعود .. هشاشة هبوط ،
نحن هنا.. وهم يعدّونَ في الجانب الآخر ، اعترافهم الأخير
ويبحثون سويّةً !
ما خبّأتهُ المرايا وما أضمرت من صور ،
وإلى الآن !
لم نزل نصبّ زيتِ التيهِ على موائد الرماد .
فيما لو كان ذلك التساؤلُ ما نُدركهُ . ونمتلك من الأمر شيئًا
هو ماذا يجري حقًا ؟
بجباهِهِم المرتفعةِ واياديهم الملوّحةِ
ينسَلونَ ، مثلَ بخارِ الغيمةِ ،
وهي تصفّقُ النهايات .
وتودّعُ النسيان بالنسيان .