يا طائر التغريد الآسر ها انت ذا تشق درب الحياة، وحيدا إلا من ذكرياتك مع الراحلين، و قد كنت وفيا للبعيدين، و تصغي أكثر لهتاف الأصدقاء و الأوفياء
لا تأس يا صديقي فقد اعتدت في تحليقك- مع كثرة التجارب- أن تطير بثقل جناحك و تتكيف مع ألمك الذي إذا أقعدك ساعة فسوف تقعده شهورا و سنينا و اعتدت كذلك أن تنسجم مع تغير الرفيق الذي تشده مع زندك إذا اشتد و تتغاضى عن خذلانه لك إذا ارتخى
تشق درب الحياة بما تبقى لك من حياة وحدك فقد انشغلت الطيور بانعزاليتها ، و تركتك مرارا في وحدتك التي رفضتها و لكنها أتت لأنها رأت طيورك أشد مرارة منها
كانت جيوش الهمجية تحيط بك و كنت تبتغي أن تزقزق لتسعد نفسك و الآخرين،و لكنهم أوثقوا عنقك بحبالهم، فلم تسعفهم و لم تسعف نفسك
كلهم يا صاحب النغمات كلهم؛حتى القريبين منهم أعملوا سكاكينهم في قلبك تجريحا،الناصحون نصحوك بأرض لا غرس فيها و لا ظل، و المانحون أكفهم لك ليخرجوك من حفرتك أرهقوا نفسيتك بصراخهم الذي صار حجارة تحول دون نجاتك
يا صديقي العزيز كنت تريد أن تبدأ حياتك و تنمي حنجرتك مبكرا و لكنها الطعنات منعتك أن تكمل و ها أنت ذا تكمل المشوار و أنت أكبر من زملائك المغردين و تريد أن تغرد بحماسة و قوة الصغار و تملأ السماء أناشيد فما الذي يمنعك من هذا و قد هيأت قاموسك الفريد و أصبحت أكثر شراسة في الدفاع عن حقك في الشدو و التحليق